للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَنفَعةِ مِنه، ولَو كانَ المَأجورُ مُعَدًّا لِلِاستِغلالِ؛ لأنَّ الإجارةَ لَمَّا كانَتْ حينئذٍ باطِلةً وغَيرَ مُنعَقِدةٍ أصْلًا، كانَ ما في ضِمنِها باطِلًا أيضًا، ويَكونُ انتِفاعُ المُستَأجِرِ بالمَأجورِ بدُونِ عَقدٍ.

لَكِنْ تَلزَمُ أُجرةُ المِثلِ إذا كانَ المَأجورُ في الإجارةِ الباطِلةِ مالَ وَقْفٍ أو يَتيمٍ، بالِغةً ما بَلَغَتْ، وكَذا مالُ المَجنونِ.

حَتَّى إنَّه إذا اشترَى إنسانٌ دارًا فظَهرَ أنَّها مِلكٌ لِيَتيمٍ، أو وَقفٌ بعدَ أنْ سَكَنَها مدَّةً يَجِبُ عليه أداءُ أُجرةِ المِثلِ لِتلك المدَّةِ. وقَد أفتَى بذلك الفُقهاءُ المُتأخِّرونَ مِنْ الحَنفيَّةِ حِفظًا لِمالِ اليَتيمِ والوَقْفِ (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ: الإجارةُ الباطِلةُ كما لو استَأجَرَ الصَّبيُّ بالِغًا على عَملٍ فعَمِلَه فإنَّه لا يَستَحقُّ شَيئًا؛ لأنَّه الذي فَوَّتَ على نَفْسِه عَملَه، وتَكونُ الإجارةُ باطِلةً لا فاسِدةً (٢).

واختَلفوا فيما لَو كانَتِ الأُجرةُ مَعلومةً، ولَكِنِ اختَل شَرطٌ مِنْ شُروطِ صِحَّتِها، كَما لَو كانَ المُسمَّى خَمرًا أو خِنزيرًا، إلخ.

فذهبَ الحَنفيَّةُ -ما عَدا زُفَرَ- إلى أنَّ الواجِبَ في الإجارةِ الفاسِدةِ أُجرةُ المِثلِ، لا يَتجوَزُ بها المُسمَّى؛ لِرِضاهُما به، كَما لَو كانَ المُسمَّى تِسعَمِئةٍ، وكانَتْ أُجرةُ مِثلِه ألفًا، فلا يَأخُذُ إلَّا تِسعَمِئةٍ، ولا يُزادُ على المُسمَّى؛ لأنَّ المَنافِعَ لا قِيمةَ لَها إلَّا بعَقدٍ أو شُبهةِ عَقدٍ ضَرورةً؛ لِحاجةِ


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٢١٨)، و «درر الحكام» (١/ ٤٣٥).
(٢) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٢١، ٤٢٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>