للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَهَبَ المالِكيَّةُ في المَشهورِ ومُتأخِّرو الحَنفيَّةِ، وعليه الفَتوَى عِندَهم، والشافِعيَّةُ في قَولٍ، والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَجوزُ أخْذُ الأُجرةِ على الإمامةِ؛ لِتَأدِّي الشِّعارِ بهِ؛ كالأذانِ.

رَوَى أشهَبُ عن مالِكٍ أنَّه سُئِلَ عن الصَّلاةِ خَلفَ مَنْ يُستَأجَرُ في رَمَضانَ يَقومُ بالنَّاسِ، فقالَ: أرجُو ألَّا يَكونَ به بَأْسٌ، وإنْ كانَ به بَأْسٌ فعليه، لا عَلَى مَنْ صَلَّى خَلفَه، ورَوَى عنه ابنُ القاسِمِ أنَّه كَرِهَه، قالَ: وهو أشَدُّ كَراهةً له في الفَريضةِ.

قالَ المالِكيَّةُ: يُكرَهُ أخْذُ الأُجرةِ على الصَّلاةِ، أي: إمامَتُها مُفرَدةً فَرضًا أو نَفلًا، وهو في المَكتوبةِ أشَدُّ كَراهيةً، وإنْ وَقَعَتْ صَحَّتْ وحُكِمَ بها؛ كالإجارةِ على الحَجِّ، وتَجوزُ الصَّلاةُ خَلفَ مَنْ يَأخُذُ الأُجرةَ مِنْ غيرِ كَراهةٍ، لأنَّ الإجارةَ لَيسَتْ عليه حَرامًا، فتَكونَ جُرحةً فيه، تَقدَحُ في إمامَتِه، وإنَّما هي له مَكروهةٌ، فتَرْكُها أفضَلُ. ولا تُكرَه إمامةُ مَنْ فعلَ ما تَرْكُه أفضَلُ، كَما لا تُكرَه إمامةُ مَنْ تَركَ ما فِعْلُه أفضَلُ مِنْ النَّوافِلِ.

وَمَحَلُّ الكَراهةِ إذا كانَتِ الأُجرةُ تُؤخَذُ مِنْ المُصَلِّينِ وأمَّا إذا أُخِذَتْ مِنْ بَيتِ المالِ، أو مِنْ وَقْفِ المَسجِدِ فلا كَراهةَ؛ لأنَّه مِنْ بابِ الإعانةِ، لا مِنْ بابِ الإجارةِ (١).

أمَّا أخْذُ الرِّزقِ عَلَى الإمامةِ فمُجمَعٌ على جَوازِه.


(١) «الاستذكار» (٥/ ٤١٨)، و «شرح مختصر خليل» (١/ ٢٣٦)، و «البيان والتحصيل» (١/ ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>