للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْذُ الأجْرِ عليه؛ لأنَّه يَقَعُ تارةً قُربةً، وتارةً غيرَ قُربةٍ؛ فلَم يُمنَعْ مِنْ الِاستِئجارِ لِفِعلِهِ؛ كَغَرسِ الأشجارِ وبِناءِ البُيوتِ، وكذلك في تَعليمِ الفِقهِ والحَديثِ، وأمَّا ما لا يَتعدَّى نَفْعُه فاعِلَه مِنْ العِباداتِ المَحضةِ؛ كالصِّيامِ وصَلاةِ الإنسانِ لِنَفْسِه، وحَجِّه عن نَفْسِه، وأداءِ زَكاةِ نَفْسِه، فلا يَجوزُ أخْذُ الأجْرِ عليها، بغَيرِ خِلافٍ؛ لأنَّ الأجْرَ عِوَضُ الِانتِفاعِ، ولَم يَحصُلْ لِغَيرِه ههُنا انتِفاعٌ، فأشبَهَ إجارةَ الأعيانِ التي لا نَفْعَ فيها (١).

وقالَ في «الكافي»: فأمَّا الاستِئجارُ لِتَعليمِ الفِقهِ، والشِّعرِ المُباحِ فيَجوزُ؛ لأنَّ فاعِلَه لا يَختَصُّ أنْ يَكونَ مِنْ أهلِ القُربةِ، فجازَ؛ كبِناءِ المَساجِدِ (٢).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : ويَجوزُ أنْ يَأْخُذَ الأُجرةَ على تَعليمِ الفِقهِ والحَديثِ ونَحوِهما، إنْ كانَ مُحتاجًا، وهو وَجْهٌ في المَذهبِ (٣).

قالَ الزَّيلَعيُّ : قالَ في «النِّهاية»: يُفتَى بجَوازِ الاستِئجارِ على تَعليمِ الفِقهِ أيضًا في زَمانِنا، ثم قالَ: وفي رَوضةِ الزَّنْدوستيِّ كان شَيخُنا أبو مُحمدٍ عَبدُ اللهِ الخَيْزَاخَزِيُّ يَقولُ: في زَمانِنا يَجوزُ لِلإمامِ والمُؤذِّنِ والمُعَلِّمِ أخْذُ الأجْرِ، قالَ: كذا في الذَّخيرةِ (٤).

وقالَ الرَّمليُّ: ولا تَصحُّ -الإجارةُ- لِقَضاءٍ ولا تَدريسِ عِلمٍ، إلَّا إنْ عَيَّنَ


(١) «المغني» (٥/ ٣٢٥)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٦٧)، و «الإنصاف» (٦/ ٤٦) ..
(٢) «الكافي» (٢/ ٣٠٤).
(٣) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤٩١).
(٤) «تبيين الحقائق» (٥/ ١٢٥)، ويُنْظر: «مختصر الوقاية» (٢/ ١١٩)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٥٣٤)، و «ابن عابدين» (٦/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>