للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذا كلُّه إذا كانَ الإيجارُ لِعَملٍ لا يَتضمَّنُ تَعظيمَ دِينِهم وشَعائِرِه، فإنْ كانَتِ الإجارةُ على عَملٍ يَتضمَّنُ ذلك لَم يَجُزْ -كَما نَصَّ عليه أحمَدُ في رِوايةِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ، وقَد سَألَه رَجُلٌ بَنَّاءٌ: أبْني ناووسًا لِلمَجوسِ؟ فقالَ: لا تَبْنِ لَهُمْ.

وقالَ الشافِعيُّ في كِتابِ «الجِزيةِ مِنْ الأُمِّ»: وأكرَهُ لِلمُسلِمِ أنْ يَعمَلَ بِنَاءً أو نِجارةً أو غيرَ ذلك في كَنائِسِهمُ التي لِصَلاتِهم.

وقالَ أبو الحَسَنِ الآمِديُّ : لا يَجوزُ أنْ يُؤجِّرَ نَفْسَه لِعَملِ ناووسٍ ونَحوِه، رِوايةً واحِدةً (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : وأمَّا مَذهَبُ أحمدَ في الإجارةِ لِعَملِ ناووسٍ ونَحوِه فقالَ الآمِدِيُّ: لا يَجوزُ، رِوايةً واحِدةً؛ لأنَّ المَنفَعةَ المَعقودَ عليها مُحرَّمةٌ، وكذلك الإجارةُ لِبِناءِ كَنيسةٍ أو بَيْعةٍ أو صَومَعةٍ، كالإجارةِ لِكَتْبِ كُتُبِهمُ المُحرَّفةِ (٢).

وقالَ الحَنفيَّةُ: إذا آجَرَ المُسلِمُ نَفْسَه مِنْ ذِمِّيٍّ لِيَعصِرَ له فيَتَّخِذَ خَمرًا فهو مَكروهٌ، ولو آجَرَ نَفْسَه لِيَعمَلَ في الكَنيسةِ ويَعمُرَها فلا بَأْسَ به؛ إذْ ليس في نَفْسِ العَملِ مَعصيةٌ (٣).


(١) «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢٠٨، ٢٠٩).
(٢) «اقتضاء الصراط المستقيم» (١/ ٢٤٤).
(٣) «الهداية» (٤/ ٩٤)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٢٩)، و «البحر الرائق» (٨/ ٢٣١)، و «المحيط البرهاني» (٥/ ٢٢١)، و «ابن عابدين» (٦/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>