للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَ المَقصودُ مِنها العَينَ فهذا لا يَضُرُّ، كَما أنَّ المَقصودَ مِنْ مَنفَعةِ الأرضِ المُستَأجَرةِ لِلزِّراعةِ العَينُ.

الثَّاني: أنَّ المُستَأجِرَ يَتسلَّمُ الشَّجرَ فيَخدُمُه ويَقومُ عليه كَما يَتسلَّمُ الأرضَ، وفي البَيعِ البائِعُ هو الذي يَقومُ على الشَّجرِ ويَخدُمُه، وليسَ لِلمُشتَري الِانتِفاعُ بظِلِّه، ولا رُؤيَتُه، ولا نَشرُ الثِّيابِ عليه؛ فأينَ أحَدُ الرَّأيَيْنِ مِنْ الآخَرِ.

الثَّالث: أنَّ إجارةَ الشَّجرِ عَقدٌ على عَينٍ مَوجودةٍ مَعلومةٍ؛ لِيَنتفِعَ بها في سائِرِ وُجوهِ الِانتِفاعِ، وتَدخُلُ الثَّمرةُ تَبَعًا، وإنْ كانَ هو المَقصودَ، كَما قُلتُم في نَفعِ البِئرِ ولَبنِ الظِّئرِ أنَّه يَدخُلُ تَبَعًا، وإنْ كانَ هو المَقصودَ.

وأمَّا البَيعُ فعَقدٌ على عَينٍ لَم تُخلَقْ بَعدُ؛ فهذا لَونٌ، وهذا لَونٌ.

وَسِرُّ المَسألةِ: أنَّ الشَّجرَ كالأرضِ، وخِدمَتُه والقِيامُ عليه كَشَقِّ الأرضِ وخِدمَتِها والقِيامِ عليها، ومَغلُ الزَّرعِ كَمَغلِ الثَّمرِ؛ فإنْ كانَ في الدُّنيا قِياسٌ صَحيحٌ فهذا مِنه (١).

وقالَ تَقيُّ الدِّينِ السُّبكيُّ : أمَّا الإجارةُ فيَنبَغي أنْ يَجوزَ فيها كما يَستأجِرُ الأرضَ لِيَزرَعَها، تُستَأجَرُ الشَّجرُ لِثَمرِها، لا أجِدُ فَرقًا بَينَهما، ولا دَليلًا على بُطلانِهما، وليس في كَلامِ أبي عُبَيدٍ تَصريحٌ بمَنعِ إجارةِ الأشجارِ، ولا لِجَوازِها، واللهُ أعلَمُ (٢).


(١) «أحكام أهل الذمة» (٢/ ٢٦٢، ٢٦٤).
(٢) «فتاوى السبكي» (٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>