للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَواءٌ أصَلَحَ في العَينِ شَيئًا أو بَنَى فيها بِناءً، أو لَم يَفعَل؛ لأنَّه عَقدٌ يَجوزُ برَأْسِ المالِ، فجازَ بزِيادةٍ؛ كَبَيعِ المَبيعِ بعدَ قَبضِه، وكَما لَو أحدَثَ عِمارةً لا يُقابِلُها جُزءٌ مِنْ الأجْرِ.

وَذَهَبَ الحَنفيَّةُ إلى أنَّه يَجوزُ له أنْ يُؤجِّرَها بأكثَرَ مِنْ الأُجرةِ الأُولَى إذا زادَ في الدَّارِ شَيئًا، كَما لَو حَفَرَ بها بِئرًا، أو طَيَّنَها، أو أصلَحَ أبوابَها، أو شَيئًا مِنْ حِيطانِها؛ فإنْ لَم يَزِدْ فيها شَيئًا جازَتِ الإجارةُ، إلَّا أنَّه إذا كانَتِ الأُجرةُ الثَّانيةُ مِنْ جِنسِ الأُولَى، لَم تَطِبْ له الزِّيادةُ، ويَتَصَدَّقُ بها، وإنْ كانَتْ مِنْ خِلافِ جِنسِها طابَتْ له الزِّيادةُ.

أمَّا جَوازُ الإجارةِ فلا شَكَّ فيهِ؛ لأنَّ الزِّيادةَ في عَقدٍ لا تُعتَبَرُ فيه المُساواةُ بينَ البَدَلِ والمُبدَلِ، لا تَمنَعُ صِحَّةَ العَقدِ، وهَهُنا كذلك، فيَصحُّ العَقدُ.

وأمَّا التَّصَدُّقُ بالفَضلِ إذا كانَتِ الأُجرةُ الثَّانيةُ مِنْ جِنسِ الأُولَى فلأنَّ الفَضلَ رِبحٌ، ما لَم يَضمَنْ؛ لأنَّ المَنافِعَ لا تَدخُلُ في ضَمانِ المُستَأجِرِ، بدَليلِ أنَّه لَو هَلَكَ المُستَأجِرُ فصارَ بحَيثُ لا يُمكِنُ الِانتِفاعُ به، كانَ الهَلاكُ على المُؤاجِرِ، وكَذا لَو غَصَبَه غاصِبٌ، فكانَتِ الزِّيادةُ رِبْحَ ما لَم يُضمَنْ، ونَهَى رَسولُ اللَّهِ عن ذلك، فإنْ كانَ هُناكَ زِيادةٌ كانَ الرِّبحُ في مُقابَلةِ الزِّيادةِ، فيَخرُجُ مِنْ أنْ يَكونَ رِبحًا.

وَكَذا في إجارةِ الدَّابَّةِ إذا زادَ في الدَّابَّةِ جَوالِقَ، أو لِجامًا، أو ما أشبَهَ ذلك، يَطيبُ له الفَضلُ؛ لِمَا بيَّنَّا، فإنْ عَلَفَها لا يَطيبُ لَهُ؛ لأنَّ الأُجرةَ لا يَصيرُ شَيءٌ مِنها مُقابِلَ العَلَفِ.

وَعَنِ الإمامِ أحمدَ رِوايةٌ مِثلُ قَولِ الحَنفيَّةِ أنَّه إنْ أحدَثَ فيها عِمارةً،

<<  <  ج: ص:  >  >>