للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتَّفَقوا أيضًا على أنَّه إذا استَأجَرَ أرضًا لِيَزرَعَها شَعيرًا، فلَه أنْ يَزرَعَها شَعيرًا وما دُونَه في الضَّررِ على الأرضِ، وكَذا الدَّارُ، والدُّكَّانُ.

واختَلفوا في المُستَأجِرِ إذا استَأجَرَ أرضًا لِيَزرَعَها شَعيرًا، فزَرَعَها ما هو أكثَرُ ضَرَرًا مِنه، دونَ إذْنِ المُؤجِّرِ، ما الذي يَلزَمُهُ؟

فذهبَ المالِكيَّةُ والشَّافعيَّةُ -في قَولٍ- والحَنابِلةُ -في المَذهبِ- إلى أنَّه إنْ فعَلَ فلربِّها أُجرةُ الشَّعيرِ وقِيمةُ الزِّيادةِ بالضَّررِ؛ لأنَّه تَناوَلَ مِنْ المَنفَعةِ زِيادةً على القَدْرِ المَعقودِ عليه، فلَزِمَه بقَدْرِ ما زادَ، أصْلُه إذا اكتَرى دَابَّةً مِنْ بَغدادَ إلى حُلوانَ، فتَقدَّمَ عليها إلى الرَّيِّ، فإنَّ الأُجرةَ مِنْ بَغدادَ إلى حُلوانَ، وتَكونُ أُجرةُ المِثلِ مِنْ الرَّيِّ إلى حُلوانَ.

فَمثلًا: مَنِ استَأجَرَ أرضًا لِزَرعِ حِنطةٍ، فزَرَعَها قُطنًا: كم تُساوي أُجرَتُها مع الحِنطةِ؟ فيُقالُ، مثلًا: عَشَرةٌ. ومَعَ القُطنِ؟ فيُقالُ، مثلًا: خَمسةَ عَشَرَ، فيَأخُذُ رَبُّها مع المُسمَّى خَمسةً؛ لأنَّه لَمَّا عَيَّنَ الحِنطةَ لَم تَتعيَّنْ، فإذا زَرَعَ ما هو أكثَرُ ضَرَرًا فقَدِ استَوفَى المَنفَعةَ وزِيادةً عليها، فكانَ على المُستَأجِرِ المُسمَّى لِلمَنفَعةِ وأُجرةُ المِثلِ؛ لِلتَّفاوُتِ.

وقالَ الشَّافعيَّةُ في قَولٍ، والحَنابِلةُ في قَولٍ: له أُجرةُ المِثلِ بجَميعِ المدَّةِ؛ لأنَّه تَعدَّى بالعُدولِ عن المَعقودِ عليه إلى غَيرِه، فلَزِمَه ضَمانُ المِثلِ، كَما لَوِ اكتَرى أرضًا لِلزِّراعةِ فزَرَعَ أرضًا أُخرَى.

وَفي قَولٍ ثالِثٍ لِلشَّافِعيَّةِ أنَّ صاحِبَ الأرضِ بالخِيارِ بينَ أنْ يَأخُذَ المُسمَّى وأُجرةَ المِثلِ لِلزِّيادةِ، وبَينَ أنْ يَأخُذَ أُجرةَ المِثلِ لِلجَميعِ؛ لأنَّه أخَذَ

<<  <  ج: ص:  >  >>