للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا إذا رَأى الماءَ وقد تلبَّسَ بالصَّلاةِ؛ فإنَّه تَبطلُ صَلاتُه وتَيممُه عندَ الحَنفيةِ والحَنابِلةِ في المَشهورِ لبُطلانِ الطَّهارةِ بزَوالِ سَببِها، ولأنَّ الأصلَ إيقاعُ الصَّلاةِ بالوُضوءِ لقَولِه : «الصَّعيدُ الطَّيبُ وَضوءُ المُسلمِ، ولو إلى عَشرِ سِنينَ، فإذا وَجَدتَ الماءَ فأمْسِسْه جِلدَك»، دَلَّ بمَفهومِه على أنَّه لا يَكونُ طَهورًا عندَ وُجودِ الماءِ، وبمَنطوقِه على وُجوبِ إمساسِه جِلدَه عندَ وُجودِه، ولأنَّه قدِرَ على استِعمالِ الماءِ، فبَطلَ تَيممُه كالخارجِ من الصَّلاةِ، ولأنَّ التَّيممَ طَهارةُ ضَرورةٍ، فبطَلَت بزَوالِ الضَّرورةِ كطَهارةِ المُستحاضةِ إذا انقطَعَ دَمُها.

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ وأحمدُ في رِوايةٍ، وقيلَ: إنَّه رجَعَ عنها، إلى أنَّه إذا وُجدَ الماءُ وقد تلبَّسَ بالصَّلاةِ؛ فإنَّه يَمضي في صَلاتِه وهي صَحيحةٌ ولا يَقطعُها، إلا أنَّ الشافِعيَّ اشتَرَط في صِحةِ الصَّلاةِ بهذا التَّيممِ أنْ يَكونَ مُسافِرًا، أمَّا المُقيمُ؛ فإنَّ صَلاتَه تَبطلُ إذا رأى الماءَ في أثناءِ الصَّلاةِ وتَلزمُه الإِعادةُ لوُجودِ الماءِ، لكنْ ليسَ مُطلقًا، بل قيَّدَ الشافِعيةُ ذلك بكَونِه في مَحلٍّ يَغلِبُ فيه الماءُ، أمَّا إذا كانَ المُقيمُ في مَحلٍّ لا يَغلِبُ فيه وُجودُ الماءِ فلا إعادةَ عليه، وحُكمُه حينَئذٍ حُكمُ المُسافرِ (١).


(١) «الاختيار» (١/ ٢١)، و «رد المحتار» (١/ ٤٢٧)، و «مراقي الفلاح» (٢١)، واللباب» (١/ ٣٧)، و «الإشراف» (١/ ٣٢)، و «الإجماع» (٢٠)، و «تفسير القرطبي» (٥/ ٢٣٤)، و «بداية المجتهد» (١/ ٥٢، ٥٣)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٥٦، ١٥٨)، و «الشرح الصغير» (١/ ١٣٧)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٠١)، و «المهذب» (١/ ٣) (١٠٢، ١٠٣)، و «المغني» (١/ ٣١٤، ٣٥١)، و «كشاف القناع» (١/ ١٧٧، ١٧٨)، و «الإفصاح» (١/ ٩٥، ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>