للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا كَيفيةُ العِلمِ بالأُجرةِ فهو على التَّفصيلِ التَّالي:

قالَ الحَنفيَّةُ: والعِلمُ بالأُجرةِ لا يَحصُلُ إلَّا بالإشارةِ والتَّعيينِ، أو بالبَيانِ، وجُملةُ الكَلامِ فيه أنَّ الأجْرَ لا يَخلُو إمَّا أنْ يَكونَ شَيئًا بعَينِه، وإمَّا أنْ يكونَ بغَيرِ عَينِه.

فَإنْ كانَ بعَينِه فإنَّه يَصيرُ مَعلومًا بالإشارةِ، ولا يَحتاجُ فيه إلى ذِكرِ الجِنسِ والصِّفةِ والنَّوعِ والقَدْرِ، سَواءٌ كانَ ممَّا يَتعيَّنُ بالتَّعيينِ، أو ممَّا لا يَتعيَّنُ؛ كالدَّراهِمِ والدَّنانيرِ، ويَكونُ تَعيينُها كِنايةً عن ذِكْرِ الجِنسِ والصِّفةِ والنَّوعِ والقَدْرِ؛ لأنَّ المُشارَ إليه إذا كانَ ممَّا له حَمْلٌ ومُؤنةٌ يَحتاجُ إلى بَيانِ مَكانِ الإيفاءِ، عندَ أبي حَنيفَةَ.

وإنْ كانَ بغَيرِ عَينِه فإنْ كانَ ممَّا يثبُتُ دَيْنًا في الذِّمةِ في المُعاوَضاتِ المُطلَقةِ؛ كالدَّراهِمِ والدَّنانيرِ والمَكيلاتِ والمَوزوناتِ والمَعدوداتِ المُتقارِبةِ والثِّيابِ، لا يَصيرُ مَعلومًا إلَّا ببَيانِ الجِنسِ والنَّوعِ مِنْ ذلك الجِنسِ والصِّفةِ والقَدْرِ، إلَّا أنَّ في الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ إذا لَم يكُنْ في البَلَدِ إلَّا نَقدٌ واحِدٌ، لا يُحتاجُ فيها إلى ذِكْرِ النَّوعِ والوَزنِ، ويُكتَفَى بذِكْرِ الجِنسِ، ويَقَعُ على نَقدِ البَلَدِ ووَزنِ البَلَدِ، وإنْ كانَ في البَلَدِ نُقودٌ مُختَلِفةٌ يَقَعُ على النَّقدِ الأغلَبِ، وإنْ كانَ فيه نُقودٌ غالِبةٌ فلا بدَّ مِنْ البَيانِ، فإنْ لَم يُبيَّنْ فَسَدَ العَقدُ.

وَلا بدَّ مِنْ بَيانِ مَكانِ الإيفاءِ فيما له حَمْلٌ ومُؤنةٌ في قَولِ أبي حَنيفَةَ، وعِندَ أبي يُوسفَ، ومُحمَّدٍ لا يُشترَطُ ذلك، ويَتعيَّنُ مَكانُ العَقدِ لِلإيفاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>