والقولُ الآخَرُ: أنَّها تَنعقِدُ بلَفظِ البَيعِ.
وَتَنعقِدُ الإجارةُ بالتَّعاطي؛ كالبَيعِ في غيرِ المدَّةِ الطَّويلةِ كالرُّكوبِ في باخِرةِ المُسافِرينَ وزَوارِقِ المَوانئِ، ودَوابِّ الكِراءِ مِنْ دُونِ مُقاوَلةٍ؛ فإنْ كانَتِ الأُجرةُ مَعلومةً أُعطِيتْ، وإلَّا فأُجرةُ المِثلِ؛ لأنَّ جَوازَ الإجارةِ إنَّما هو بالنَّظَرِ إلى الرِّضا، فلَمَّا كانَ تَعاطي الطَّرفَيْنِ ناشِئًا عن رِضاءِ كُلٍّ مِنهما؛ كانَتْ لَازِمةً لا مَحالةَ.
وَذكرَ مُحمَّدٌ ﵀ في إجاراتِ الأصلِ في إجارةِ الثِّيابِ: إذا استَأجَرَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ قُدورًا بغَيرِ أعيانِها، لا يَجوزُ؛ لِلتَّفاوُتِ بينَ القُدورِ مِنْ حَيثُ الصِّغَرِ والكِبرِ، فإنْ جاءَ بقُدورٍ وقَبِلَها المُستَأجِرُ على الكِراءِ الأولِ جازَ، ويَكونُ هذا إجارةً مُبتدَأةً بالتَّعاطي.
وَلا تَنعقِدُ الإجارةُ الطَّويلةُ بالتَّعاطي؛ لأنَّ الأُجرةَ غيرُ مَعلومةٍ، قد يَجعَلونَ لكلِّ سَنةٍ دانَقًا، وقَد يَجعَلونَ فُلُوسًا.
السُّكوتُ في الإجارةِ يُعَدُّ قَبولًا ورِضاءً، وهو نَوعانِ:
الأولُ: سُكوتُ المُؤجِّرِ: كَما لَو استَأجَرَ رَجُلٌ حانوتًا في الشَّهرِ بخَمسينَ قِرشًا، وبَعدَ أنْ سَكَنَ فيه مدَّةَ أشهُرٍ أتَى له المُؤجِّرُ في رَأْسِ الشَّهرِ، وقالَ: إنْ رَضيتَ بسِتِّينَ فاسكُنْ هذا الحانوتَ، وإنْ لَم تَرْضَ فاخرُجْ مِنه، فرَدَّه المُستَأجِرُ قائِلًا: لَم أرْضَ. واستَمَرَّ ساكِنًا، ولَم يُعارِضْهُ المُؤجِّرُ بعدَ ذلك؛ لَزِمَه خَمسونَ قِرشًا، كَما في السَّابِقِ؛ لأنَّ سُكوتَ المُؤجِّرِ وقَد أعلَمَه المُستَأجِرُ بعَدَمِ رِضائِه بالزِّيادةِ، وتَرْكَه إيَّاه يَسكُنُ في الحانوتِ، ممَّا يَدلُّ على رِضائِه بالأُجرةِ السَّابِقةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute