للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- مَوتُ صاحِبِ الأرضِ:

إذا ماتَ ربُّ الأرضِ بَعدَما دفعَ الأرضَ مُزارَعةً ثَلاثَ سِنينَ، ونَبَتَ الزَّرعُ وصارَ بَقلًا، تُترَكُ الأرضُ في حَوزةِ المُزارَعِ إلى وَقتِ الحَصادِ، ويُقَسَّمُ على الشَّرطِ المَذكورِ؛ لأنَّ في التَّركِ إلى وَقتِ الحَصادِ نَظَرًا مِنْ الجانبيْنِ، ولأنَّ في القَلعِ إضرارًا بأحَدِهِما، وهو المُزارَعُ، ويَكونُ العَملُ على المُزارَعِ خاصَّةً؛ لِبَقاءِ العَقدِ؛ تَقديرًا في هذه السَّنةِ في هذا الزَّرعِ.

ب- مَوتُ المُزارَعِ:

وأمَّا إنْ ماتَ المُزارَعُ والزَّرعُ بَقلٌ، فقالَ وَرثَتُه: نَحنُ نَعمَلُ على شَرطِ المُزارَعةِ، وأبَى ذلك صاحِبُ الأرضِ، فالأمْرُ إلى وَرثةِ المُزارَعِ؛ لأنَّ في القَلعِ ضَرَرًا بالوَرثةِ، ولا ضَرَرَ بصاحِبِ الأرضِ في التَّرْكِ إلى وَقتِ الإدراكِ، وإذا تَركَ فلا أجْرَ لِلوَرثةِ فيما يَعمَلونَ؛ لأنَّهم يَعمَلونَ على حُكمِ عَقدِ أبيهم تَقديرًا؛ فكَأنَّه يَعمَلُ أبوهم؛ لأنَّ أباهم لَو عَمِلَ فلا أجْرَ لَه، فكَذا هُمْ.

وإنْ أرادَ الوَرثةُ قَلعَ الزَّرعِ لَم يُجبَروا على العَملِ؛ لأنَّ العَقدَ يَنفَسِخُ حَقيقةً؛ إلَّا أنَّا أبقَيْناه باختيارِهم؛ نَظَرًا لَهُم؛ فإنِ امتَنَعوا عن العَملِ بَقيَ الزَّرعُ مُشترَكًا:

فَإمَّا أنْ يُقَسَّمَ بَينَهم بالحِصَصِ، وإمَّا أنْ يُعطيَهم صاحِبُ الأرضِ قَدْرَ حِصَّتِهم مِنْ الزَّرعِ بَقلًا، وإمَّا أنْ يُنفِقَ مِنْ مالَ نَفْسِه إلى وَقتِ الحَصادِ، ثم يَرجِعَ عليهم بحِصَّتِهم؛ لأنَّ فيه رِعايةَ الجانبيْنِ، وهذا التَّفريعُ كلُّه على مَذهبِ الحَنفيَّةِ (١).


(١) يُنْظر: «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٨٣، ٢٨٥)، و «الهداية» (٤/ ٥٧)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١١٤)، و «البحر الرائق» (٨/ ١٣)، و «الاختيار» (٣/ ٩٨)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٩٧)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٥٦، ٢٥٧)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ١٤٤)، و «اللباب» (٢/ ١١)، و «الهندية» (٥/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>