للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ شُرِطَ في المُساقاةِ والمُزارَعةِ عَملُ مالِكٍ أو عَملُ غُلامِه مع العامِلِ، بأنْ شرطَ أنْ يُعينَه في العَملِ؛ صَحَّ، كَشَرطِه عليه عَملَ بَهيمةٍ، وَلا يَضُرُّ عَملُ المالِكِ بلا شَرطٍ.

وإنْ شرطَ العامِلُ أنَّ أجْرَ الأجيرِ الذي يَستَعينُ به يُؤخَذُ مِنْ ثَمنِ الثَّمرةِ، وقدَّرَ العامِلُ الأُجرةَ أو لَم يُقَدِّرْها؛ لَم يَصحَّ ذلك؛ كَما لَو شرطَ لِنَفْسِه أجْرَ عَملِهِ؛ لأنَّ العَملَ عليه؛ فلا يَصحُّ شَرطُ أخْذِ عِوَضِه (١).

أمَّا المالِكيَّةُ فالمُزارَعةُ عِندَهم شَرِكةٌ بينَ اثنَيْنِ بأنْ يَتكافَيَا في العَملِ والمُؤنةِ والأرضِ والبَذْرِ.

قالَ القاضي عَبدُ الوَهَّابِ : الشَّرِكةُ في الزَّرعِ جائِزةٌ، وصِفَتُها: أنْ يَتكافَيَا في العَملِ والمُؤنةِ والأرضِ والبَذْرِ، فإنْ كانَ البَذْرُ مِنْ عِنْدِ أحَدِهِما، والأرضُ مِنْ عِنْدِ الآخَرِ، لا يَجوزُ، كانَ العَملُ عليهما أو على أحَدِهِما؛ لأنَّ الذي له البَذْرُ قد باعَ حِصَّتَه مِنْ شَريكِه بما تُخرِجُه أرضُه، وذلك طَعامٌ بطَعامٍ مُتأخِّرٍ -إنْ زَرَعَا طَعامًا-، ومُخابَرةٌ، وكِراءُ الأرضِ ببَعضِ ما يَخرُجُ مِنها، وصاحِبُ الأرضِ قد أكرَى حِصَّتَه ببَعضِ ما يَخرُجُ مِنها، وذلك غيرُ جائِزٍ، فإنْ زَرَعَها على ذلك وتَكافَيَا فيما سِواه مِنْ العَملِ والبَقَرِ، فالزَّرعُ لِمَنْ وَلِيَه مِنهما: فإنْ وَلِيَه صاحِبُ الأرضِ فالزَّرعُ لَه، ويُغرَمُ لِصاحِبِ البَذْرِ


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٨٠)، و «المبسوط» (٢٣/ ١٩)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ١٤١)، و «الدر المختار» (٦/ ٢٧٦)، و «المغني» (٥/ ٢٣٣)، و «الفروع» (٤/ ٢٩٠)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٣٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٠٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٧١)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٥٢٣، ٥٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>