للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَهارةٌ في البَدنِ تُرادُ للصَّلاةِ، جازَ لها التَّيممُ عندَ عَدمِ الماءِ، وخَوفِ الضَّررِ باستِعمالِه كالحَدثِ.

وقالَ الإمامُ أحمدُ: هو بمَنزلةِ الجُنبِ الذي يَتيممُ، قالَ القاضِي: يَحتملُ أنْ يَكونَ مَعنى قَولِ أحمدَ إنَّه بمَنزلةِ الجُنبِ الذي يَتيممُ، أي أنَّه يُصلِّي على حَسَبِ حالِه كما يُصلِّي الجُنبُ الذي يَتيممُ، قالَ ابنُ قُدامةَ : وهذا قَولُ الأكثَرين من الفُقهاءِ؛ لأنَّ الشَّرعَ إنَّما ورَدَ بالتَّيممِ للحَدثِ، وغَسلُ النَّجاسةِ ليسَ في مَعناه؛ لأنَّه إنَّما يُؤتَى به في مَحلِّ النَّجاسةِ لا في غيرِه، ولأنَّ مَقصودَ الغَسلِ إِزالةُ النَّجاسةِ ولا يَحصلُ ذلك بالتَّيممِ (١).

إذا ثبَتَ هذا؛ فإنَّه إذا تَيممَ للنَّجاسةِ وصلَّى يَلزمُه الإعادةُ عندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ في رِوايةٍ.

والصَّحيحُ عندَ الحَنابِلةِ أنَّه لا تَلزمُه الإعادةُ؛ لقَولِه : «الصَّعيدُ الطَّيبُ طَهورٌ ما لم يُوجدِ الماءُ، ولو إلى عَشرِ حِججٍ» (٢)، ولأنَّها طَهارةٌ نابَ عنها التَّيممُ لم تَجِبِ الإعادةُ فيها كطَهارةِ الحَدثِ، وكما لو تَيممَ لنَجاسةٍ على جُرحِه يَضرُّه إِزالتُها، ولأنَّه لو صلَّى من غيرِ تَيممٍ لم تَلزمْه الإعادةُ فمَع التَّيممِ أَولى.


(١) «المغني» (١/ ٣٥٢، ٣٥٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: سبَق تَخرجُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>