الماءَ عَشرَ سِنينَ فإذا وجَدَ الماءَ فليُمِسَّه بَشرتَه؛ فإنَّ ذلك خَيرٌ» (١)، واستَثنَى الحَنفيةُ مما تَقدمَ المُكرهَ على تَركِ الوُضوءِ؛ فإنَّه يَتيممُ ويُعيدُ صَلاتَه.
وكذلك المَرأةُ؛ فإنَّه لو كانَ الماءُ بمَجمعِ الفُساقِ وتَخافُ المَرأةُ على نَفسِها منهم تَتيممُ، ولا إعادةَ عليها في أصَحِّ الوَجهَينِ عندَ الحَنابِلةِ، بل لا يَحلُّ لها المُضيُّ إلى الماءِ لمَا فيه من التَّعرُّضِ للزِّنا وهَتكِ نَفسِها وعِرضِها، وتَنكيسِ رُؤوِس أهلِها، وربَّما أفضَى إلى قَتلِها، وقد أُبيحَ لها التَّيممُ حِفظًا للقَليلِ من مالِها المُباحِ لها بَذلُه وحِفظًا لنَفسِها من المَرضِ أو تَباطؤِ بُرءٍ، فهنا أَولى.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: ومَن كانَ في مَوضعٍ عندَ رَحلِه فخافَ إنْ ذهَبَ إلى الماءِ ذهَبَ شَيءٌ من رَحلِه، أو شرَدَت دابَّتُه أو سُرِقت، أو خافَ على أهلِه لِصًّا أو سَبعًا خَوفًا شَديدًا فهو كالعادِمِ.
ومَن كانَ خَوفُه جُبنًا لا عن سَببٍ يُخافُ من مِثلِه لم تُجزئْه الصَّلاةُ بالتَّيممِ، نَصَّ عليه أحمدُ في رَجلٍ يَخافُ باللَّيلِ، وليسَ شَيءٌ يُخافُ منه، فقالَ: لا بدَّ من أنْ يَتوضَّأَ، ويُحتملُ أنْ يُباحَ له التَّيممُ، ويُعيدَ إذا كان ممَّن يَشتدُّ خَوفُه؛ لأنَّه بمَنزلةِ الخائِفِ لسَببٍ، ومَن كانَ خَوفُه لسَببٍ ظَنَّه فتَبيَّن عَدمُ السَّببِ مِثلَ مَنْ رأى سَوادًا باللَّيلِ ظَنَّه عَدوًّا، فتَبيَّن أنَّه ليسَ بعَدوٍّ، أو رأى كَلبًا فظَنَّه أسَدًا أو نَمرًا، فتَيممَ وصلَّى ثم بانَ خِلافُه، فهل يَلزمُه الإعادةُ؟
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٣٢، ٣٣٣)، والترمذي (١٢٤)، والنسائي (٣٢٢).