للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلَ العَملِ أو بَعدَهُ؛ لأنَّه إنْ وقعَ على عِوَضٍ فهو إمَّا بَيعٌ لِلثَّمرِ قبلَ زَهوِه، إنْ أثمَرَ النَّخلُ، وإمَّا مِنْ بابِ أكْلِ أموالِ النَّاسِ بالباطِلِ إنْ لَم يُثمِرْ، فقَد أكَلَ العامِلُ ما أخَذَه باطِلًا؛ إذْ لَم يَعُدْ على رَبِّه نَفْعٌ.

والمَذهَبُ قولُ ابنِ رُشدٍ: إنَّه إنْ كانَ بجُزءٍ مُسمًّى مِنْ الثَّمرةِ ولَم تَطِبْ، جازَ، وإنْ تَقايَلَا قبلَ العَملِ اتِّفاقًا؛ لأنَّه هِبةٌ مِنْ ربِّ الحائِطِ لِلعاملِ، وأمَّا بعدَ العَملِ فأجازَه ابنُ القاسِمِ، ومَنَعَه أصبَغُ، كَما لَو طابَتِ الثَّمرةُ أو كانَ الجُزءُ غيرَ مُسمًّى؛ لِاتِّهامِ ربِّ الحائِطِ على استِئجارِ العامِلِ تلك الأشهُرِ بسُدُسٍ مِنْ ثَمرِ الحائِطِ إنْ كانَتِ الإقالةُ عليه، فصارَتِ المُساقاةُ دُلسةً بَينَهما، وصارَ فيه بَيعُ الثَّمرةِ بالعَملِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها.

وأمَّا إنْ كانَ التَّقايُلُ بالدَّراهِمِ ونَحوِها، فلا نَصَّ إلَّا ما يُفهَمُ مِنْ المُدوَّنةِ مِنْ المَنعِ، كَما يَقولُ الدَّرديرُ (١).

قالَ الشافِعيَّةُ: تَصحُّ الإقالةُ في المُساقاةِ، ولا شَيءَ لِلعاملِ مِنْ الثَّمرِ إنْ كانَ، ولا يَلزَمُ المالِكَ رَدُّ ما انقَطَعَ، ولَو تَلِفَ بقَطعِه الثَّمرُ، أو بجائِحةٍ، أو نَحوِ غَصبٍ؛ لَزِمَ العامِلَ إتمامٌ؛ وإنْ تَضرَّرَ به، ولا شَيءَ لَه، ولَو تَلِفَ بَعضُ الثَّمرِ بذلك خُيِّرَ العامِلُ، فإنْ فَسخَ فلا شَيءَ لَه، وإنْ أجازَ أتَمَّ العَملَ، ولَه حِصَّتُه ممَّا بَقيَ؛ وإنَّما لَم يَنفَسِخْ في تَلَفِ الكلِّ؛ لأنَّه لَم يَبقَ ما يُرجَى بَقاؤُه لِأجْلِه، ولَم يَثِقْ أحَدُهما بيَدِ صاحِبِه، وبَدَا صَلاحُ الثَّمرِ، فلَه خَرْصُه، وتَعيينُ


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٢٤، ٣٢٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٤٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٥٠)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٣٦٨)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>