وأمَّا الشافِعيَّةُ ففَرَّقوا بينَ مَوتِ مالِكِ الشَّجرِ ومَوتِ العامِلِ، فقالوا: ولَو ماتَ مالِكُ الشَّجرِ في أثناءِ المدَّةِ لَم تَنفَسِخِ المُساقاةُ؛ لأنَّها عَقدٌ لَازِمٌ؛ فلا تَبطُلُ بالمَوتِ؛ كالبَيعِ والإجارةِ، بَلْ يَستَمِرُّ العامِلُ ويَأخُذُ نَصيبَه إنْ حُصِّلَتِ الثَّمرةُ، فيُقاسِمُ العامِلُ وَرثةَ ربِّ النَّخيلِ كَما كانَ يُقاسِمُ ربَّ النَّخيلِ.
وإنْ ماتَ العامِلُ فإنْ كانَتِ المُساقاةُ على عَيْنِه انفَسخَتْ بمَوتِه؛ كالأجيرِ المُعيَّنِ.
وإنْ كانَتْ على الذِّمةِ فوَجهانِ: أحَدُهما تَنفَسِخُ؛ لأنَّه لا يُرضي بيَدِ غَيرِه.
والثَّاني: وهو الصَّحيحُ، وعليه التَّفريعُ، لا تَنفَسِخُ؛ كالإجارةِ؛ لأنَّها عَقدٌ لَازِمٌ؛ فلا تَبطُلُ بالمَوتِ؛ كالبَيعِ والإجارةِ، بَلْ يُنظَرُ:
أ- إنْ خَلَّفَ العامِلُ تَرِكةً تَمَّمَ وارِثُه العَملَ، بأنْ يَستَأجِرَ مَنْ يَعمَلُ، وإلَّا فإنْ أتَمَّ العَملَ بنَفْسِه أو استَأجَرَ مِنْ مالِه مَنْ يُتِمُّ، فعلى المالِكِ تَمكينُه إنْ كانَ أمينًا مُهتَديًا إلى أعمالِ المُساقاةِ، ويُسَلِّمُ له المَشروطَ، وإنْ أبَى لَم يُجبَرْ عليه، على الصَّحيحِ.
وَقيلَ: يُجبَرُ؛ لأنَّه خَليفَتُه، وهو شاذٌّ؛ لأنَّ مَنافِعَه لِنَفْسِه، وإنَّما يُجبَرُ على أداءِ ما على المُورِّثِ مِنْ تَرِكَتِه، لَكِنْ لَو خَلَّفَ تَرِكةً وامتَنَعَ الوارِثُ مِنْ الِاستِئجارِ مِنها استَأجَرَ الحاكِمُ.
ب- وإنْ لَم يُخلِّفْ تَرِكةً لَم يُستَقرَضْ على المَيِّتِ؛ لأنَّ ذِمَّتَه خَرِبَتْ، بخِلافِ الحَيِّ إذا هَرَبَ (١).
(١) «البيان» (٧/ ٢٧٣)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٨١، ٧٨٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣١١)، و «الديباج» (٢/ ٤٥٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute