يَتحالَفانِ ويَتَفاسَخانِ، ولا يُنظَرُ لِشَبَهٍ ولا عَدَمِه، ونُكولُهما كَحَلِفِهِما، وهذا بخِلافِ القِراضِ؛ فإنَّه لا تَحالُفَ فيه، بَلِ العامِلُ يَرُدُّ المالَ؛ لأنَّ القِراضَ عَقدٌ جائِزٌ غيرُ لَازِمٍ.
وَهَذا التَّفريعُ المَذكورُ على مَذهبِ ابنِ القاسِمِ، وهو مَشهورُ المَذهبِ، وقيلَ: لِلعاملِ أُجرةُ المِثلِ مُطلَقًا، وقيلَ: مُساقاةُ المِثلِ مُطلَقًا، وهو قولُ ابنِ الماجشونِ ورِوايَتُه عن مالِكٍ، وقيلَ: له مُساقاةُ مِثلِه ما لَم يكُنْ أكثَرَ مِنْ الجُزءِ الذي شُرِطَ عليه، إنْ كانَ الشَّرطُ لربِّ الحائِطِ، وإنْ كانَ الشَّرطُ لِلعاملِ فلَه مُساقاةُ مِثلِه، ما لَم يَكُنْ أقَلَّ مِنْ الجُزءِ الذي شُرِطَ لَهُ (١).
وقالَ الشافِعيَّةُ: إذا فَسَدَتِ المُساقاةُ بما ذَكَرْناه مِنْ قَبلُ عَنهم وجبَتْ أُجرةُ المِثلِ على صاحِبِ الشَّجرِ، ومِن صُوَرِ الفَسادِ ما يَلي:
١ - أنْ يُساقيَه على وَدْيٍ لِيَغرِسَه، ويَكونَ الشَّجرُ بَينَهما، أو لِيَغرِسَه في أرضِ نَفْسِه، ويَكونَ الثَّمرُ بَينَهما، أو أنْ يَدفَعَ إليه أرضًا لِيَغرِسَها والثَّمرُ بَينَهما.
٢ - أنْ يَشرُطَ الثَّمرةَ كلَّها لِلعاملِ، أو يَشرُطَ له جُزءًا مِنهما، أو مُشارَكةَ المالِكِ، أو غَيرَها في صُورةِ الإفسادِ، ويُستَثْنَى ما إذا شرطَ الثَّمرةَ كلَّها لِلمالِكِ، لا شَيءَ لِلعاملِ في الأصَحِّ، وكَذا نَظيرُه في القِراضِ.
٣ - وإذا خَرجَ الثَّمرُ مُستحَقًّا فلِلعاملِ على السَّاقي أُجرةُ المِثلِ لِعَملِه؛
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٢٩، ٣٣١)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٣٦، ٢٣٨)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٤٧، ٥٤٩)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٥٢، ٤٥٤)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٣٧١، ٣٧٥).