للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثُّلُثَ، حُطَّ مِنْ جُزئِه المُشترَطِ له ثُلُثُه، كَأنْ يُقالَ: ما أُجرةُ مِثلِه لَو حَرَثَ مثلًا ثَلاثَ مَرَّاتٍ؟ فإذا قيلَ عَشَرةٌ، يُقالُ: وما أُجرَتُه لَو حَرَثَ مَرَّتيْنِ؟ فإذا قيلَ: ثَمانيةٌ، حُطَّ مِنْ حِصَّتِه مِنْ الثَّمرةِ خُمُسُها، وهَكَذا.

وأمَّا إذا لَم يُقصِّرْ، بأنْ شُرِطَ عليه السَّقيُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فسَقَى مَرَّتيْنِ وأغناه المَطَرُ أو السَّيحُ عن الثَّالثةِ، لَم يُحَطَّ مِنْ حِصَّتِه شَيءٌ، وكانَ له جُزؤُه بالتَّمامِ بلا خِلافٍ، كَما يَقولُ ابنُ رُشدٍ، قالَ بخِلافِ الإجارةِ بالدَّنانيرِ والدَّراهِمِ على سِقايةِ حائِطِه زَمنَ السَّقْيِ، وهو مَعلومٌ عندَ أهلِ المَعرِفةِ، فجاءَ ماءُ السَّماءِ فأقامَ به حِينًا، حُطَّ مِنْ إجارَتِه بقَدْرِ إقامةِ الماءِ فيه، والفَرقُ أنَّ الإجارةَ مَبنيَّةٌ على المُشاحَّةِ، بخِلافِ المُساقاةِ (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ في الصَّحيحِ: لَو شرطَ المالِكُ على العامِلِ أعمالًا تَلزَمُه، فأثمَرَتِ الأشجارُ، والعامِلُ لَم يَعمَلْ بَعضَ تلك الأعمالِ، استَحقَّ جَميعَ ما شُرِطَ لَه، كَما لَو لَم يَعمَلْ شَيئًا؛ لأنَّه شَريكٌ.

وقالَ القاضي في فَتاوِيه: إذا شرطَ المالِكُ على العامِلِ أعمالًا تَلزَمُه، فأثمَرَتِ الأشجارُ، والعامِلُ لَم يَعمَلْ بَعضَ تلك الأعمالِ، استَحقَّ مِنْ الثَّمرةِ بقَدْرِ ما عَمِلَ؛ فإنْ عَمِلَ نِصفَ ما لَزِمَه استَحقَّ نِصفَ ما شُرِطَ.

وَهَذا مَبنيٌّ على أنَّ العامِلَ لَيسَ بشَريكٍ، والرَّاجِحُ أنَّه شَريكٌ؛ فيَستَحقُّ حِصَّتَه، وإنْ لَم يَعمَلْ، كَما تَقدَّمَ (٢).


(١) «الشرح الكبير» (٥/ ٣٣٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٣٧٧)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٣٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٤٥٩)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٢٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٤٦٢).
(٢) «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٦)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٩٧)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>