للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانَ المُشتَرِطُ العامِلَ، تَرجَّحَ جانِبُ المُساقاةِ دونَ الإجارةِ؛ فكانَ لِلعاملِ مُساقاةُ مِثلِه (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ: يُشترَطُ لِصِحَّةِ المُساقاةِ أنْ يَنفَرِدَ العامِلُ بالعَملِ؛ لِيَتمكَّنَ مِنْ العَملِ متى شاءَ؛ فلَو شرطَ أنْ يَعمَلَ معه مالِكُ الأشجارِ فُسِخَ العَقدُ؛ لأنَّه مُخالِفٌ لِوَضعِ المُساقاةِ، ولَو كانَ الشَّجرُ في يَدِ العامِلِ.

والقاعِدةُ: أنَّ كلَّ ما يَجِبُ على العامِلِ إذا شُرِطَ على المالِكِ يُفسِدُ العَقدَ، على الأصَحِّ، وقيلَ: يُفسِدُ الشَّرطَ فَقَطْ.

وَلَو شرطَا عَملَ غُلامِ المالِكِ معه بلا شَرطِ يَدٍ ولا مُشارَكةٍ في تَدبيرٍ؛ فإنَّه يَصحُّ على المَذهبِ المَنصوصِ، ولا بدَّ مِنْ مَعرِفَتِه بالرُّؤيةِ أوِ الوَصفِ، ونَفقَتُه على المالِكِ؛ بحُكمِ المِلْكِ، وإنْ شُرِطَتْ في الثَّمرةِ بغَيرِ تَقديرِ جُزءٍ مَعلومٍ، لَم يَصحَّ؛ لأنَّ ما يَبقَى يَكونُ مَجهولًا، أو شُرِطَتْ على العامِلِ وقُدِّرتْ، صَحَّ؛ لأنَّ العَملَ عليه؛ فلا يَبعُدُ أنْ تَلزَمه مُؤنةُ مَنْ يَعمَلُ مَعَه، وهو كاستِئجارِ مَنْ يَعمَلُ مَعَه، ولَو لَم يُقدَّرْ، صَحَّ أيضًا، والعُرفُ كافٍ؛ لأنَّه يُتَسامَحُ بمِثلِه في المُعامَلاتِ.

وَيُشترَطُ أيضًا أنْ يَنفَرِدَ العامِلُ باليَدِ في الحَديقةِ؛ ليَتمكَّنَ مِنْ العَملِ متى شاءَ، فلَو شرطَ كَونَها في يَدِ المالِكِ أو بيَدَيْهِما لَم يَصحَّ (٢).


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٢٧)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٣٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٤٦)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٥١)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٣٧٠).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٧٧٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٠)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٩٠)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٠٤)، و «الديباج» (٢/ ٤٤٩)، و «كفاية الأخيار» (٣٤٥، ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>