ولَه أُجرةُ الأرضِ أيضًا إنْ كانَت لَه، ولَو كانَ الغِراسُ لِلعاملِ، والأرضُ لِلمالِكِ، فلا أُجرةَ لَه، ويَلزَمُه أُجرةُ الأرضِ (١).
وَذَهَبَ الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ والشافِعيَّةُ في قَولٍ إلى أنَّه إنْ سَاقاه على شَجرٍ يَغرِسُه ويَعمَلُ عليه حتى يُثمِرَ ويَكونَ له جُزءٌ مَشاعٌ مَعلومٌ مِنْ الثَّمرةِ أو مِنْ الشَّجرِ، أو مِنهما، وهي المُغارَسةُ والمُناصَبةُ، صَحَّ العَقدُ، قالَ الإمامُ أحمَدُ في رِوايةِ المَرُّوذيِّ في رَجُلٍ قالَ:«اغرِسْ في أرضي هذه شَجرًا، أو نَخلًا، فما كانَ مِنْ غَلَّةٍ فلَكَ بعَملِ كَذا وكَذا سَهمًا مِنْ كَذا وكَذا» فأجازَه بحَديثِ خَيبَرَ في الزَّرعِ والنَّخيلِ، ولأنَّ العَملَ وعِوَضَه مَعلومانِ، صَحَّتْ، كالمُساقاةِ على شَجرٍ مَوجودٍ.
فَإنْ كانَ الغِراسُ مِنْ العامِلِ فصاحِبُ الأرضِ بالخِيارِ بينَ قَلعِه، ويَضمَنُ له نَقصَه، وبَينَ تَركِه في أرضِه ويَدفَعُ إلى العامِلِ قِيمةَ الغِراسِ؛ كالمُشتَرِي إذا غَرَسَ في الأرضِ التي اشتَراها، ثم جاءَ الشَّفيعُ فأخَذَها بالشُّفعةِ.
وَإنِ اختارَ العامِلُ قَلعَ شَجرِه فلَه ذلك، سَواءٌ بذلَ له صاحِبُ الأرضِ القِيمةَ أو لا؛ لأنَّه مِلْكُه؛ فلَم يُمنَعْ تَحويلُه.
وَإنِ اتَّفقَ صاحِبُ الأرضِ والعامِلُ على إبقاءِ الغِراسِ في الأرضِ، ودَفْعِ أُجرةِ الأرضِ، جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لا يَعدوهُما.
(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٧٧١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٦٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٨٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٠٢)، و «الديباج» (٢/ ٤٤٨).