وقالَ الشَّافِعيةُ والحَنابِلةُ: إنْ سَقاهُ على وَدْيِ نَخلٍ -أي: صِغارِهِ- أو صِغارِ شَجرٍ -عِنْدَ الحَنابِلةِ- إلى مدَّةٍ، فلا تَخلو المدَّةُ مِنْ ثَلاثةِ أقسامٍ:
القِسمُ الأولُ: أنْ يُساقيَه على مدَّةٍ يَحمِلُ فيها في الأغلَبِ بجُزءٍ مِنْ الثَّمرةِ، فيَصحُّ العَقدُ ولا يَضُرُّ كَونُ أكثَرِ المدَّةِ لا ثَمرَ فيها، كَما لَو ساقاه خَمسَ سِنينَ، والثَّمرةُ يَغلِبُ وُجودُها في الخامِسةِ خاصَّةً؛ ولأنَّه لَيسَ فيه أكثَرُ مِنْ أنَّ عَملَ العامِلِ يَكثُرُ ونَصيبُه يَقِلُّ، وهذا لا يَمنَعُ صِحَّتَها، كَما لَو جُعِلَ له جُزءٌ مِنْ ألفِ جُزءٍ.
فَإنْ لَم يَحمِلِ النَّخلُ ولا الشَّجرُ في المدَّةِ ولَم يُثمِرْ، لَم يَستَحقَّ العامِلُ شَيئًا، كَما لَو سَقاه على النَّخيلِ المُثمِرِ؛ فلَم تُثمِرْ.
والقِسمُ الثَّاني: أنْ يُساقيَه على مدَّةٍ لا يَحمِلُ ولا تُثمِرُ فيه في الأغلَبِ، فلا يَصحُّ لِخُلُوِّها مِنْ العِوَضِ؛ كالمُساقاةِ على شَجرةٍ لا تُثمِرُ.
فَإنْ وقعَ في ذلك وعَمِلَ العامِلُ، لَم يَستَحقَّ الأُجرةَ عندَ الشافِعيَّةِ إنْ عَلِمَ أنَّها لا تُثمِرُ في تلك المدَّةِ، وإنْ عَلِمَ أنَّها تُثمِرُ في تلك المدَّةِ استَحقَّ الأُجرةَ ويُرجَعُ في المدَّةِ المَذكورةِ لِأهلِ الخِبرةِ بالشَّجرِ في تلك النَّاحيةِ.
وَعِنْدَ الحَنابِلةِ وَجهَانِ في استِحقاقِ الأُجرةِ إنْ عَمِلَ فيها ولَم تُثمِرْ، وإنْ حَمَلَ في المدَّةِ لَم يَستَحقَّ ما جُعِلَ لَهُ؛ لأنَّ العَقدَ وقعَ فاسِدًا، فلَم يَستَحقَّ ما شُرِطَ فيه.