للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصْلِ هَذا، وماءِ المُستَأجِرِ وعَملِه، كَما حَصَلَ العَملُ مِنْ أرضِ هَذا، وبَذْرِ المُستَأجِرِ وعَملِه، وهذا مِنْ أصَحِّ القياسِ على وَجْهِ الأرضِ.

وبِه يَتبَين أنَّ الصَّحابةَ أفقَهُ الأُمَّةِ، وأعلَمُهم بالمَعاني المُؤثِّرةِ في الأحكامِ، ولَم يُنكِرْ أحَدٌ مِنْ الصَّحابةِ على عُمرَ، فهو إجماعُ مِنهم (١).

وقالَ في «الزَّادِ»: أمَّا مَنعُ كَوْنِ عَقدِ الإجارةِ لا يُرَدُّ إلَّا على مَنفَعةٍ؛ فإنَّ هذا لَيسَ ثابِتًا بالكِتابِ ولا بالسُّنةِ ولا بالإجماعِ، بَلِ الثَّابِتُ عن الصَّحابةِ خِلافُه، كَما صَحَّ عن عُمرَ أنَّه قبلَ حَديقةَ أُسَيدِ بنِ حُضَيرٍ ثَلاثَ سِنينَ، وأخَذَ الأُجرةَ، فقَضَى بها دَيْنَه، والحَديقةُ هي النَّخلُ، فهذه إجارةُ الشَّجرِ لِأخْذِ ثَمرِها، وهو مَذهَبُ أميرِ المُؤمِنينَ عُمرَ بنِ الخطَّابِ، ولا يُعلَمُ له في الصَّحابةِ مُخالِفٌ، واختارَه أبو الوَفاءِ بنُ عَقيلٍ مِنْ أصحابِ أحمدَ، وهو اختيارُ شَيخِنا (٢).

وقالَ أيضًا: فإنَّه لا فَرقَ في القياسِ بينَ إجارةِ الأرضِ لِمَنْ يَقومُ عليها حتى تُنبِتَ، وبَينَ إجارةِ الشَّجرِ لِمَنْ يَقومُ عليها حتى تَطلُعَ، فكِلتاهُما في القياسِ سَواءٌ … والفَرقُ بينَ إجارةِ الشَّجرِ لِمَنْ يَخدُمُها ويَقومُ عليها حتى تُثمِرَ، وبَينَ بَيعِ الثَّمرةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها مِنْ ثَلاثةِ أوْجُهٍ:

أحَدُها: أنَّ العَقدَ هُنا وقعَ على بَيعِ عَينٍ، وفي الإجارةِ وقعَ على مَنفَعةٍ، وإنْ كانَ المَقصودُ مِنها العَينَ، فهذا لا يَضُرُّ، كَما أنَّ المَقصودَ مِنْ مَنفَعةِ الأرضِ المُستَأجَرةِ لِلزِّراعةِ العَينُ.


(١) «إغاثة اللهفان» (٢/ ٧، ٨)، و «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٦١).
(٢) «زاد المعاد» (٥/ ٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>