للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نُكرِيهَا بِشَيءٍ مِنْ الحَبِّ، قالَ: لا، قالَ: وكُنَّا نُكرِيهَا بِالتِّبنِ، فقالَ: لا، وكُنَّا نُكرِيهَا بِما على الرَّبِيعِ السَّاقِي، قالَ: لا، ازرَعْهَا أوِ امنَحْهَا أخَاكَ» (١).

وظاهِرُ قَولِه : «ازْرَعْهَا أوِ امْنَحْهَا أخَاكَ» يَدلُّ على سَدِّ بابِ المُزارَعةِ والمُساقاةِ عليهم بالنَّهيِ مُطلَقًا.

وأمَّا المَعقولُ: فهو أنَّ الِاستِئجارَ ببَعضِ الخارِجِ مِنْ النِّصفِ والثُّلُثِ والرُّبُعِ ونَحوِها استِئجارٌ ببَدَلٍ مَجهولٍ، وأنَّه لا يَجوزُ، كَما إذا استَأْجَرَه أنْ يَرعَى غَنَمَه ببَعضِ الخارِجِ منها، تَبيَّنَ أنَّ حَديثَ خَيبَرَ مَحمولٌ على الجِزيةِ دونَ المُزارَعةِ، صِيانةً لِدَلائلِ الشَّرعِ عن التَّناقُضِ، والدَّليلُ على أنَّه لا يُمكِنُ حَملُه على المُزارَعةٍ: أنَّه قالَ فيهِ: «أُقِرُّكُمْ ما أَقَرَّكُمُ اللهُ بهِ» (٢). وهذا منه تَجهيلٌ لِلمدَّةِ، وجَهالةُ المدَّةِ تَمنَعُ صِحَّةَ المُزارَعةِ بلا خِلافٍ، بَقيَ تَركُ الإنكارِ على التَّعامُلِ، وذا يُحتَمَلُ أنْ يَكونَ لِلجَوازِ، ويُحتَمَلُ أنْ يَكونَ لِكَونِه مَحَلَّ الِاجتِهادِ، فلا يَدلُّ على الجَوازِ مع الِاحتِمالِ (٣).

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ : وأجمَعوا على أنَّ دَفعَ الرجُلِ نَخلًا مُساقاةً على الثُّلُثِ أو الرُّبُعِ أو النِّصفِ؛ جائِزٌ، وأنكَرَ النُّعمانُ المُعامَلةَ على شَيءٍ مِنْ الغَرسِ ببَعضِ ما يَخرُجُ مِنها (٤).


(١) حَديثٌ ضَعِيفٌ: رواه النَّسَائيّ (٣٨٦٢).
(٢) رواه البُخَارِيّ مُعَلَّقًا (٣/ ١١٥٥) باب إخراجِ اليهودِ من جَزيرة العرب، وقال عُمرُ عن النَّبِيِّ : «أُقِرُّكم ما أقَرَّكُمُ اللهُ به».
(٣) «المبسوط» (٢٣/ ١١، ١٢)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٧٥)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٢٨٤)، و «الاختيار» (٣/ ٩٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٦٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٩٨)، و «اللباب» (٢/ ١٦).
(٤) «الإجماع» (٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>