للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، فلا ضَمانَ في تَركةِ المَيِّتِ؛ فإنْ أكذَبَ المالِكُ المَيِّتَ في وَصيَّتِه بتَلَفِها فله إحلافُ الوَرثةِ ثم هُمْ بَراءٌ.

والقِسمُ الثاني: أنْ يُعلَمَ أنَّها تَلِفت بتَفريطِه وتَعدِّيه إمَّا بوَصيَّةٍ أو ببَيِّنةٍ تَشهَدُ له بذلك، فهي مَضمونةٌ في مالِه ويُحاصِصُ المالِكُ بها جَميعَ الغُرماءِ.

والقِسمُ الثالِثُ: أنْ يَجهَلَ حالَها، فقد قال الشافِعيُّ: ويُحاصِصُ رَبُّ الوَديعةِ الغُرماءَ، قال الماوَرديُّ : فاختلَف أصحابُنا في ذلك على أربَعةِ مَذاهبَ:

أحَدُها: وهو ظاهِرُ كَلامِ الشافِعيِّ: أنَّها مَضمونةٌ في تَركةِ المَيِّتِ، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ؛ لأنَّ الظاهِرَ مِنْ ثُبوتِ يَدِه عليها أنَّها تَلِفت بفِعلِه.

والَمذهَبُ الثاني: أنَّها غَيرُ مَضمونةٍ في تَرِكتِه، وهو قَولُ ابنِ أبي لَيلى؛ لأنَّ الأصلَ بَقاؤُه على أمانَتِه.

والمَذهبُ الثالِثُ: أنَّه إنْ وُجِد في تَرِكتِه مِنْ جِنسِها كانت مَضمونةً فيها، وإنْ لَم يُوجَدْ مِنْ جِنسِها شَيءٌ في تَرِكتِه لَم يَضمَنْ، وهذا قَولُ أبي حامِدٍ المَروَزيِّ؛ لأنَّ الظاهِرَ مِنْ وُجودِ جِنسِها أنَّها فيه أو منه.

والمَذهَبُ الرابِعُ: أنَّه إنْ ذكَر في وَصيَّتِه عندَ مَوتِه أنَّ عندَه وَديعةً كانت مَضمونةً في تَرِكتِه، وإنْ لَم يَذكُرْ ذلك لَم يَضمَنْ؛ لأنَّه لا يُوصي بالوَديعةِ إلا وهي عندَه أو عليه، ثم إذا صارَتْ على ما ذكَرنا مِنْ هذه الوُجوهِ مَضمونةً في تَرِكتِه؛ فإنْ لَم يَكُنْ في التَّركةِ مِنْ جِنسِها شَيءٌ حاصَّ رَبُّ الوَديعةِ بها جَميعَ الغُرماءِ، وإنْ كان في التَّركةِ شَيءٌ مِنْ جِنسِها فيه وَجهانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>