للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنَّما يَظهَرُ بالقِسمةِ، وهي تُبتَنى على رأسِ المالِ، وإنَّما يَنِضُّ بالبَيعِ.

فإذا باعَ العُروضَ فلا يَجوزُ له أنْ يَشتريَ بثَمَنِها شَيئًا آخَرَ؛ لأنَّها قد صارتْ نَقدًا.

ويُشترطُ أيضًا أنْ يَكونَ رأسُ المالِ عَينًا وَقتَ الفَسخِ، دَراهمَ أو دَنانيرَ، حتى لو نَهى رَبُّ المالِ المُضاربَ عن التَّصرُّفِ، ورأسُ المالِ عُروضٌ وَقتَ النَّهيِ لَم يَصحَّ نَهيُه، وله أنْ يَبيعَها؛ لأنَّه يَحتاجُ إلى بَيعِها بالدَّراهِمِ والدَّنانيرِ لِيَظهرَ الرِّبحُ، فكان النَّهيُ والفَسخُ إبطالًا لِحَقِّه في التَّصرُّفِ فلا يَملِكُ ذلك، وإنْ كان رأسُ المالِ دَراهمَ أو دَنانيرَ وَقتَ الفَسخِ والنَّهيِ صَحَّ الفَسخُ والنَّهيُ، لكنْ له أنْ يَصرِفَ الدَّراهمَ إلى الدَّنانيرِ، والدَّنانيرَ إلى الدَّراهمِ؛ لأنَّ ذلك لا يُعدُّ بَيعًا، لِاتِّحادِهما في الثَّمَنيَّةِ، فإذا كان رأسُ المالِ دَنانيرَ والذي نَضَّ (١) له دَراهمَ، أو على العَكسِ فله أنْ يَبيعَها بجِنسِ رأسِ المالِ استِحسانًا؛ لأنَّ الرِّبحَ لا يَظهَرُ إلا به.

وإذا افتَرَق رَبُّ المالِ والمُضارِبُ، وفي المالِ دُيونٌ وقد رَبِح المُضارِبُ فيه أجبَرَه الحاكِمُ على اقتِضاءِ الدُّيونِ؛ لأنَّه بمَنزِلةِ الأجيرِ؛ لأنَّ الرِّبحَ له كالأُجرةِ، ولأنَّ عَمَله حصَل بعِوضٍ فيُجبَرُ على إتمامِه كالأجيرِ (٢).


(١) قَوْلُهُمْ: «نَضَّ» أَيْ: صَارَ وَرِقًا وَعَيْنًا بَعْدَ مَا كَانَ مَتَاعًا، وَالنَّاضُّ عِنْدَ أَهْلِ الحِجَازِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ.
(٢) «بدائع الصانع» (٦/ ١٠٩)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٦٠، ٤٦١)، و «الهداية» (٣/ ٢٠٩)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٢٠٧)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٦٤)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٣٩)، و «درر الحكام» (٣/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>