للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالةُ الأُخرى: أنْ يَختَلِفا، فيَقولَ العامِلُ: «كان مُضاربةً»، ويَقولَ رَبُّ المالِ: «كان قَرضًا»:

إذا اختلَف رَبُّ المالِ والعامِلُ في كَونِ رأسِ المالِ كان مُضاربةً أو قَرضًا، كما إذا دفَع إلى رَجلٍ ألفًا فتَلِف أو ما شابَه، فقال العامِلُ: «كان مُضاربةً، وتَلِف، ولا شَيءَ لكَ عِندي»، وقال رَبُّ المالِ: «كان قَرضًا ويَجِبُ عليكَ رَدُّ مِثلِه».

فقال الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ وأشهَبُ مِنَ المالِكيَّةِ: القَولُ قَولُ العامِلِ؛ لأنَّهما اتَّفَقا على أنَّ الأخذَ كان بإذنِ رَبِّ المالِ، ورَبُّ المالِ يَدَّعي على المُضارِبِ الضَّمانَ وهو يُنْكِرُ فكان القَولُ قَولَه.

وإنْ أقامَ كلٌّ منهما بَيِّنةً فالبَيِّنةُ بَيِّنةُ رَبِّ المالِ عندَ الحَنفيَّةِ، وهو الصَّحيحُ عندَ الشافِعيَّةِ؛ لأنَّ المُدَّعَى عليه يَدَّعي سُقوطَ الضَّمانِ مع اعتِرافِه بقَبضِه، ولأنَّ معها زيادةَ عِلمٍ.

والوَجهُ الآخَرُ عندَ الشافِعيَّةِ: بَيِّنةُ العامِلِ أوْلى (١).

وهذا الحُكمُ عندَ الحَنفيَّةِ فيما إذا عَمِل بالمالِ، أمَّا إذا لَم يَكُنْ عَمِل بالمالِ وضاعَ فالقَولُ قَولُ رَبِّ المالِ، قال السَّرخَسيُّ : ولو وُضِع في المالِ ثم قال العامِلُ: «دَفعتَه إلَيَّ مُضاربةً»، وقال رَبُّ المالِ: «دَفعتُه إليكَ


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ١١٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٩٣)، وابن عابدين (٨/ ٣٢١)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٣٤)، و «البيان» (٧/ ٢٣٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٦٦)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٣٩٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٨٥)، و «حواشي الشرواني» (٦/ ١٠٥)، و «حاشية عميرة على كنز الراغبين» (٣/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>