للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخَرُ: أنْ يَكونَ المالُ بيَدِه أو وَديعةً عندَ أجنَبيٍّ أو عندَ رَبِّ المالِ، ومِثلَ كَونِ المالِ بيَدِه كَونُ الرِّبحِ أو الحِصَّةِ التي يَدَّعيها بيَدِه ومَفهومُه أنَّه لو سَلَّمه لِرَبِّه على وَجهِ المُفاصَلةِ لا يَكونُ القَولُ قَولَ العامِلِ، بل القَولُ لِرَبِّه ولو مع وُجودِ شَبَهِ العامِلِ، وهو كذلك إنْ بَعُدَ قيامُه، وأمَّا إنْ قَرُبَ فالقَولُ قَولُه.

والقَولُ قَولُ رَبِّ المالِ إنِ ادَّعى في قَدْرِ الجُزءِ المَشروطِ الشَّبَهَ فَقط، ولَم يُشبِّهِ العامِلُ؛ فإنْ لَم يُشبِّهْ رَبُّه أيضًا فقِراضُ المِثلِ (١).

وقال الشافِعيَّةُ: إذا اختلَف العامِلُ ورَبُّ المالِ في القَدْرِ المَشروطِ لِلعامِلِ، كأنْ قال: «شَرطتَ النِّصفَ»، فقال المالِكُ: «بل الثُّلثَ»؛ فإنَّهما يَتحالَفان؛ لأنَّهما اختلَفا في عِوَضِ عَقدٍ مع اتِّفاقِهما على صِحَّتِه فيَتحالَفان كالمُتبايِعَيْن إذا اختلَفا في قَدْرِ الثَّمنِ، وهل يَنفسِخُ بمُجرَّدِ الحَلِف؟ فيه قَولانِ: قيلَ: فإذا حلَفا، فُسِخ العَقدُ، والصَّحيحُ: أنَّه لا يَنفسِخُ بمُجرَّدِ التَّحالُفِ بل يَفسخانِه أو أحَدُهما أو الحاكِمُ.

واختَصَّ الرِّبحُ والخُسرانُ بالمالِكِ ولِلعامِلِ أُجرةُ مِثلِ عَملِه، وإنْ زادَت على ما ادَّعاه؛ لأنَّ مُقتَضى التَّحالُفِ والفَسخِ رُجوعُ كلٍّ مِنَ العِوَضَيْن لِصاحِبِه؛ فإنْ تَعذَّرَ تُرجَعُ قيمَتُه، وقد رجَع المالُ ورِبحُه لِلمالِكِ، وقياسُه رُجوعُ العَملِ لِلعامِلِ، لكنَّه تَعذَّر، فأوجَبْنا قيمَتَه، وهي الأُجرةُ.


(١) «المدونة» «الكبرى» (١٢/ ٩٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣١١، ٣١٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٣٣)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٢٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٣٦)، و «منح الجليل» (٧/ ٣٧٩)، و «حاشية الصاوي» (٨/ ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>