للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحَنفيَّةُ: يُزكِّي المُضارِبُ نَصيبَه مِنَ الرِّبحِ إذا حالَ الحَولُ وعِندَه نِصابٌ وظهَر الرِّبحُ؛ فإنِ اشتَرى جاريةً قيمَتُها ألفانِ ورأسُ المالِ ألفٌ زَكَّى خَمسَمِئةٍ إذا حالَ الحَولُ ويُزكِّي رَبُّ المالِ ألفَيْنِ وخَمسَمِئةٍ.

ولِلمُضارِبِ أنْ يُطالِبَ رَبَّ المالِ بالقِسمةِ حتى يَحصُلَ له نَصيبُه مِنَ الرِّبحِ مُميَّزًا مِنْ مِلكِه صَحيحَ المِلكِ يَلزَمُه فيه الزَّكاةُ (١).

قال المالِكيَّةُ: القِراضُ إمَّا أنْ يَكونَ حاضِرًا في بَلدِ رَبِّ المالِ أو غائِبًا عنه.

١ - القِراضُ الحاضِرُ ببَلدِ رَبِّ المالِ حَقيقةً أو حُكمًا، كأنْ كان المالُ في غَيرِ بَلدِ رَبِّه لكنْ يَعلَمُ رَبُّه بحالِه: فيُزكِّيه رَبُّه زَكاةَ إدارةٍ، واختَلَفوا مَتى يُزكِّيه على ثَلاثةِ أقوالٍ:

الأولُ: ما رَجَّحه خَليلٌ والدَّرديرُ، وقيلَ: هو ظاهِرُ المَذهبِ أنَّه يُزكِّيه كلَّ عامٍ مِنْ غَيرِ مالِ القِراضِ، لِئلَّا يَنقُصَ على العامِلِ، والرِّبحُ يَجبُرُه، وهو ضَرَرٌ على العامِلِ، إلا أنْ يَرضَى بذلك بشَرطِ أنْ يُديرَه العامِلُ، سَواءٌ كان رَبُّه مُديرًا أو مُحتكِرًا.

والثاني -وهو المُعتمَدُ-: لا يُزكِّيه إلا بعدَ المُفاصَلةِ، ويُزكِّي حينَئذٍ لِلسِّنينِ الماضيةِ كلِّها كالغائِبِ.

والثالِثُ: أنَّه لا يُزكِّي إلا بعدَ المُفاصلةِ، ولكنْ لِسَنةٍ واحِدةٍ كالدَّينِ.

٢ - القِراضُ الغائِبُ عن بَلدِ رَبِّه ولا يُعلَمُ حالُه: لا يُزكِّيه رَبُّه ولو غابَ عنه سِنينَ حتى يَحضُرَ، إلا أنْ يأمُرَ العامِلَ أنْ يُزكِّيَه في حالِ غيابِه في كلِّ


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (١/ ٤٣٧)، و «البناية شرح الهداية» (١٠/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>