للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه بالقَرضِ فتَسليمُه إلى رَبِّ المالِ مُضاربةً كتَسليمِ مالٍ له آخَرَ (١).

والحِيلةُ الثانية: أنْ يُقرِضَ رَبُّ المالِ المُضارِبُ ما يُريدُ دَفعَه إليه، ثم يُخرجَ مِنْ عِندِه دِرهَمًا واحِدًا ويُسلِّمَه إليه ويُشهِدَ على ذلك، فيَكونَ رأسُ مالِ المُقرِضِ دِرهَمًا ورأسُ مالِ المُستَقرِضِ جَميعَ ما استَقرضَ فيُشارِكَه شَركةَ عِنانٍ على أنْ يَعمَلا بالمالَيْن جَميعًا على أنَّ ما رزَقه اللهُ بينَهما نِصفان، ثم بعدَ ذلك يَعمَلَ المُستقرِضُ خاصَّةً في المالِ؛ فإنْ عَمِل بالمالِ بإذنِ صاحِبِه فرَبِح كان الرِّبحُ بينَهما على ما شرَطاه، وإنْ خَسِر كان الخُسرانُ على قَدْرِ المالَيْن، وعلى رَبِّ المالِ بقَدْرِ الدِّرهَمِ، وعلى المُضارِبِ بقَدْرِ رأسِ المالِ، ويَكونُ القَرضُ على حالِه، وذلك لأنَّ المُضارِبَ هو المُلزِمُ نَفْسَه الضَّمانَ بدُخولِه في القَرضِ (٢).

وهذه الحِيلةُ تَصحُّ عندَ الحَنفيَّةِ والحَنابِلةِ كما تَقدَّم؛ لأنَّه لا يُشتَرطُ عندَهم أنْ يَكونَ الرِّبحُ على قَدْرِ المالَيْن فيَجوزَ أنْ يَتفاضَلَ المالانِ مع تَساوي الرِّبحِ وأنْ يَتفاضَلَ الرِّبحُ مع تَساوي المالَيْن بخِلافِ المالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ؛ فإنَّهم يَشتَرِطون أنْ يَكونَ الرِّبحُ والوَضيعةُ على قَدرِ المالَيْن لا على ما يَشتَرِطان.


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٨٧)، و «أعلام الموقعين عن رب العالمين» (٣/ ٢٠٣).
(٢) «بدائع الصانع» (٦/ ٨٧)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٤٨٣)، وتكملته (١٢/ ٣٧٠، ٣٧١)، و «أعلام الموقعين عن رب العالمين» (٣/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>