أحَدِهما ليس عليه أن يَجبُرَه برِبحِ الآخَرِ، أمَّا إنْ شرَطا الخَلطَ بعدَ شُغلِ الأولِ؛ فإنَّه لا يَجوزُ، وسَواءٌ اتَّفَق الجُزآنِ أو اختَلَفا وعَلَّلوا عَدمَ الجَوازِ بأنَّه قد يَخسَرُ في الآخَرِ فيَلزَمُه أنْ يَجبُرَه برِبحِ الأولِ.
وكذلك يَجوزُ لِرَبِّ المالِ أنْ يَدفعَ إليه مالًا آخَرَ لِيَعملَ فيه مع الأولِ بعدَ نُضوضِ الأولِ -أي: صَيرورةِ المالِ دَراهمَ ودَنانيرَ، وذلك ببَيعِ السِّلعِ وقَبضِ ثَمنِها دَراهمَ ودَنانيرَ- بشَرطَيْن:
أوَّلُهما: أنْ يَكونَ الأولُ قد نَضَّ مِنْ غَيرِ رِبحٍ فيه ولا خَسارةٍ، كما لو اشتَرى بمِئةٍ وباعَ أيضًا بمِئةٍ؛ فإنْ نَضَّ برِبحٍ أو خَسارةٍ فلا يَجوزُ؛ لأنَّه إنْ نَضَّ برِبحٍ قد يَضيعُ على العامِلِ رِبحُه، وإنْ نَضَّ بخَسارةٍ قد يَجبُرُ القِراضُ الآخَرُ خَسارةَ الأولِ.
والآخَرُ: أنْ يَتَّفقَ جُزؤُهما بأنْ يَكونَ الرِّبحُ لِلعاملِ في المالِ الآخَرِ كالرِّبحِ في المالِ الأولِ، كالثُّلثِ مِنْ رِبحِ كلٍّ منهما.
فإنِ اختَلَف جُزءُ الرِّبحِ المَشروطِ لِلعاملِ في الآخَرِ عما كان مَشروطًا له في الأولِ فلا يَجوزُ، وهذان الشَّرطانِ ذكَرهما خَليلٌ.
إلا أنَّ الدَّرديرَ والدُّسوقيُّ -رحمهما الله- قالا: الحَقُّ أنَّه إذا نَضَّ الأولُ بمُساوٍ جازَ الدَّفعُ مُطلَقًا، سَواءٌ اتَّفقَ جُزؤُهما -أي: الرِّبحُ- أو اختلَف إنْ شرَطا الخَلطَ، وإلا مُنِع مُطلَقًا، اتَّفَق جُزؤُهما أو اختلَف (١).
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٢٩٤، ٢٩٥)، و «شرح مختصر خليل» للخرشي (٦/ ١٢، ١٣)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥١٧، ٥١٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٢٢، ٤٢٣).