ويَجوزُ أنْ يُقارِضَ الاثنانِ عامِلًا واحِدًا؛ لأنَّ ذلك كعَقدٍ واحِدٍ، ثم إنْ تَساوَيا فيما شُرِط فذاك، وإنْ تَفاوَتا كأنْ شرَط أحَدُهما النِّصفَ والآخَرُ الرُّبعَ؛ فإنْ أبهَما لَم يَجُزْ، أو عَيَّنا جازَ إنْ عَلِم بقَدْرِ ما لِكلٍّ منهما، ويَكونُ الرِّبحُ بعدَ نَصيبِ العامِلِ بينَ المالِكَيْن بحَسَبِ المالِ؛ فإنْ كان مالُ أحَدِهما ألفَيْن، والآخَرِ ألفًا، وشرَط لِلعامِلِ نِصفَ الرِّبحِ اقتَسما نِصفَه الآخَرَ بينَهما أثلاثًا على نِسبةِ مالَيْهما؛ فإنْ شرَط غَيرَ ما تَقتَضيه النِّسبةُ فسَد العَقدُ؛ لِما فيه مِنْ شَرطِ الرِّبحِ لِمَنْ ليس بمالِكٍ ولا عامِلٍ (١).
وقال الحَنابِلةُ: يَجوزُ أنْ يَدفعَ الرَّجلُ مالًا مُضاربةً إلى رَجلَيْن ويَجوزُ أنْ يَتساوَيا في الرِّبحِ مع تَفاوُتِ عَملِهما، وأنْ يَتفاضَلا في الرِّبحِ مع تَساوي عَملِهما، كما في الشَّركةِ؛ لأنَّ العَملَ مما يُستحَقُّ به الرِّبحُ فجازَ أنْ يَتفاضَلا في الرِّبحِ مع وُجودِ العَملِ منهما، وذلك لأنَّ أحَدَهما قد يَكونُ أبصَرَ بالتِّجارةِ مِنَ الآخَرِ وأقوى على العَملِ فجازَ له أنْ يَشترطَ زيادةً في الرِّبحِ في مُقابلةِ عَملِه.
وأمَّا المُضاربةُ التي فيها شَركةٌ فهي أنْ يَشتركَ مالان وبَدَنُ صاحِبِ أحَدِهما، مِثلَ أنْ يُخرِجَ كلُّ واحِدٍ منهما ألفًا ويأذنَ أحَدُهما لِلآخَرِ في التِّجارةِ بهما، فمهما شرَطا لِلعامِلِ مِنَ الرِّبحِ إذا زادَ على النِّصفِ جازَ؛ لأنَّه مُضارِبٌ لِصاحبِه في ألفٍ، ولِعامِلِ المُضاربةِ ما اتَّفقا عليه بغَيرِ خِلافٍ، وإنْ شرَطا لَه دونَ نِصفِ الرِّبحِ لَم يَجُزْ؛ لأنَّ الرِّبحَ يُستحَقُّ بمالٍ وعَملٍ، وهذا
(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٧٤٦، ٧٤٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٤٩، ٣٥٠)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٦٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٧٢، ٢٧٣)، و «الديباج» (٢/ ٤٣٣، ٤٣٤).