للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المالِكيَّةُ: لا يَجوزُ لِلمُقارِضِ أنْ يأخُذَ قِراضًا ثانيًا مِنْ غَيرِ رَبِّ المالِ، وعَدمُ الجَوازِ إنْ كان الآخَرُ يَشغَلُه عن العَملِ في القِراضِ الأولِ؛ لأنَّ رَبَّ المالِ استحَقَّ مَنفعةَ العامِلِ؛ فإذا لَم يَشغَلْه عن العَملِ فيه جازَ له أنْ يأخُذَ قِراضًا ثانيًا وثالِثًا، ومَفهومٌ مِنْ غَيرِه جَوازُه منه وإنْ كان الآخَرُ يَشغَلُه عن الأولِ.

وقال الحَطَّابُ : وقال في «المُدوَّنةِ» في كِتابِ القِراضِ: ولِلعامِلِ أنْ يأخُذَ مالًا قِراضًا مِنْ رَجلٍ آخَرَ إنْ لَم يَكُنِ الأولُ كَثيرًا يَشغَلُه الآخَرُ عنه، فلا يأخُذُ حينَئِذٍ مِنْ غَيرِه شَيئًا؛ فإنْ أخَذَهما وهو يَحتمِلُ العَملَ بهما فلَه أنْ يَخلِطَهما ولا يَضمنَ ولا يَجوزُ أنْ يَكونَ ذلك بشَرطٍ مِنَ الأولِ أو الآخَرِ. انتهى.

فإنْ كان الآخَرُ يَشغَلُه عن الأولِ وأخَذَه، قال اللَّخميُّ في تَبصِرتِه في بابِ القِراضِ: ولِلعامِلِ أنْ يَخلِطَ القِراضَ بمالِه إذا كان قادِرًا على التَّجْرِ بهما، وإنْ كان لا يَقدِرُ على التَّجْرِ بأكثَرَ مِنْ مالِ القِراضِ لَم يَكُنْ ذلك له؛ فإنْ فعَل وتَجَر في الآخَرِ وعَطَّل الأولَ لَم يَكُنْ عليه في الأولِ سِوى رأسِ المالِ على المَشهورِ مِنَ المَذهبِ، وعلى القَولِ الآخَرِ يَكونُ عليه قَدرُ ما حَرَمه مِنَ الرِّبحِ، وكذلك إذا تَجَر في الأولِ ثم اشتَغَل بالآخَرِ عن بَيعِ الأولِ حتى نَزَل سُوقَه فيَختلِفُ هل يَضمَنُ العامِلُ ما حَطَّ السُّوقُ؛ لأنَّه حَرَمه ذلك، وإن فسَد لِأجْلِ شُغلِه عنه ضمِن، وكذلك إذا أخَذ قِراضًا بعدَ قِراضٍ فلا يَمنَعُ مِنَ الآخَرِ إذا كان يَقدِرُ على التَّجْرِ فيهما؛ فإنْ كان لا يَقدِرُ إلا على التَّجرِ في أحَدِهما مُنِع مِنَ التَّجرِ في الآخَرِ؛ فإنْ فعَل ضمِن ما كان في الأولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>