وفي بعضِ الرِّواياتِ أنَّه قالَ له عُمرُ:«نُولِّيك ما تَولَّيتَ».
وخرَّجَ مُسلمٌ عن شَقيقٍ قالَ: كُنْتُ جالِسًا مع عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ وأبي مُوسى فقالَ أبو مُوسى: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ، أرأيتَ لو أنَّ رَجلًا أجنَبَ، فلم يَجِدِ الماءَ شَهرًا كيف يَصنَعُ بالصَّلاةِ؟ فقالَ عبدُ اللهِ لأبي مُوسى: لا يَتيمَّمُ، وإنْ لم يَجِدِ الماءَ شَهرًا، فقالَ أبو موسى: فكيف بهذه الآيةِ في سُورةِ المائِدةِ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣]؟ فقالَ عبدُ اللهِ: لو رُخِّصَ لهم في هذه الآيةِ لأوشَكَ إذا برَدَ عليهم الماءُ أنْ يَتيمَّموا بالصَّعيدِ، فقالَ أبو موسَى لعَبدِ اللهِ: ألم تَسمَعْ لقَولِ عَمارٍ؟ وذكَرَ له الحَديثَ المُتقدِّمَ، فقالَ له عبدُ اللهِ: ألم تَرَ عُمرَ لم يَقنَعْ بقَولِ عَمارٍ».
لكنَّ الجُمهورَ رأوْا أنَّ ذلك قد ثبَتَ من حَديثِ عَمارٍ وعِمرانَ بنِ الحُصَينِ خرَّجَهما البُخاريُّ، وأنَّ نِسيانَ عُمرَ ليسَ مُؤثِّرًا في وُجوبِ العَملِ بحَديثِ عَمارٍ، وأيضًا فإنَّهم استدَلُّوا بجَوازِ التَّيممِ للجُنبِ والحائِضِ بعُمومِ قَولِه ﵊:«جُعِلت لي الأرضُ مَسجدًا وطَهورًا».
وأمَّا حَديثُ عِمرانَ بنِ الحُصَينِ فهو «أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ رأى رَجلًا مُعتزلًا لم يُصلِّ مع القَومِ، فقالَ: يا فُلانُ، ما منَعَك أنْ تُصليَ مع القَومِ؟ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ أصابَتني جَنابةٌ ولا ماءَ، فقالَ ﷺ: عليكَ بالصَّعيدِ؛ فإنَّه يَكفيكَ»، ولمَوضعِ هذا الاحتِمالِ اختَلَفوا هل لمَن ليسَ عندَه ماءٌ أنْ يَطأَ أهلَه أو ألَّا يَطأَها، أعني مَنْ يُجوِّزُ للجُنبِ التَّيممَ (١).