يَصحُّ تَخريجُها على المُضاربةِ بالعُروضِ؛ لأنَّها إنَّما تَكونُ بالتِّجارةِ والتَّصرُفِ في رَقبةِ المالِ وهذا بخِلافِه، ولا يُعارضُه حَديثُ الدارَقُطنيِّ أنَّ النَّبيَّ ﷺ نَهى عن عَسبِ الفَحلِ وعن قَفيزِ الطَّحَّانِ، لِحَملِه على قَفيزٍ مِنَ المَطحونِ، فلا يَدري البَقيَّةَ بَعدَه، فتَكونُ المَنفعةُ مَجهولةً، ويَكونُ المِقدارُ هنا جُزءًا مَشاعًا، بخِلافِ ما قَدَّر له قَفيزًا؛ فإنَّه لا يَدري البَقيَّةَ بَعدَ القَفيزِ كم هي؟ فتَكونُ المَنفعةُ مَجهولةً.
وإنْ جعَل له مع الجُزءِ المَشاعِ دِرهمًا فأكثَرَ لَم يَصحَّ نَصًّا، ويَصحُّ بَيعٌ ونَحوُه، كإيجارٍ لِمَتاعٍ وغَزوٍ بدابَّةٍ وبجُزءٍ مِنْ رِبحِه، أي: المَتاعِ، أو بجُزءٍ مِنْ سَهمِها، أي: الدَّابَّةِ، نَصَّ عليه فيمَن أعطى فرَسه على النِّصفِ مِنَ الغَنيمةِ، بخِلافِ ما لو قال: بِعْ عَبدي أو أجِّرْه والثَّمنُ أو الأُجرةُ بينَنا، فلا يَصحُّ، والثَّمنُ أو الأُجرةُ لِرَبِّه ولِلآخَرِ أُجرةُ مِثلِه.
ويَصحُّ دَفعُ دابَّةٍ أو نَحلٍ ونَحوِهما كعَبدٍ وأَمَةٍ لِمَنْ يَقومُ بهما مُدَّةً مَعلومةً، كسَنةٍ ونَحوِها، بجُزءٍ منهما، كرُبعِهما أو خُمسِهما، والنَّماءُ لِلدَّابَّةِ أو النَّحلِ ونَحوِهما مِلكٌ لهما، أي: الدافِعِ والمَدفوعِ إليه على حَسَبِ مِلكِهما؛ لأنَّه نَماؤُه.
قال البُخاريُّ في «صَحيحِه»، وقال مَعمَرٌ: لا بأسَ أنْ تَكونَ الماشيةُ على الثُّلثِ أو الرُّبعِ إلى أجَلٍ مُسَمًّى.
ولا يَجوزُ دَفعُ دابَّةٍ ونَحلٍ ونَحوِهما لِمَنْ يَقومُ بهما مُدةً ولو مَعلومةً بجُزءٍ مِنْ نَماءٍ، كدَرٍّ ونَسلٍ وصُوفٍ وعَسلٍ ونَحوِ ذلك، كمِسكٍ وزُبادٍ، لِحُصولِ نَمائِه بغَيرِ عَملٍ، وله أُجرةُ مِثلِه؛ لأنَّه عَمِلَ بعِوضٍ لَم يُسَمَّ له.