مُقابَلتِه؛ فإنِ استأجرَ مَنْ يَفعَلُ ذلك فالأجرُ عليه خاصَّةً؛ لأنَّ العَملَ عليه، فأمَّا ما لا يَليه العامِلُ في العادةِ، مِثلَ النِّداءِ على المَتاعِ ونَقلِه إلى الخانِ، فليس على العامِلِ عَملُه، وله أنْ يَكتريَ مَنْ يَعملُه؛ لأنَّ العَملَ في المُضاربةِ غَيرُ مَشروطٍ لِمَشقَّةِ اشتِراطِه، فرُجِع فيه إلى العُرفِ.
فإنْ فعَل العامِلُ ما لا يَلزَمُه فِعلُه مُتبرِّعًا فلا أجرَ له، وإنْ فعَله لِيأخُذَ عليه أجرًا فلا شَيءَ له أيضًا في المَنصوصِ عن أحمدَ، وفي وَجهٍ أنَّ له الأجرَ بِناءً على الشَّريكِ إذا انفَردَ بعَملٍ لا يَلزَمُه هل له أجرٌ لذلك؟ على رِوايتَيْن، وهذا مِثلُه، والصَّحيحُ أنَّه لا شَيءَ له في المَوضعَيْن؛ لأنَّه عمِل في مالِ غَيرِه عَملًا لَم يُجعَلْ له في مُقابَلتِه شَيءٌ فلَم يَستحِقَّ شَيئًا كالأجنَبيِّ (١).
وقالوا: ويَصحُّ دَفعُ عَبدٍ أو دَفعُ دابَّةٍ أو قِربةٍ أو قِدرٍ أو آلةِ حَرثٍ أو نَورَجٍ أو مِنجَلٍ ونَحوِه لِمَنْ يَعملُ به بجُزءٍ مِنْ أُجرتِه، ويَصحُّ دَفعُ ثَوبٍ إلى مَنْ يَخيطه، أو دَفعُ غَزلٍ إلى مَنْ يَنسِجُه بجُزءٍ مِنْ رِبحِه.
قال ابنُ قُدامةَ ﵀: وإنْ دفَع ثَوبَه إلى خَيَّاطٍ لِيُفصِّلَه قُمصانًا يَبيعُها وله نِصفُ رِبحِها بحَقِّ عَملِه جازَ، نَصَّ عليه في رِوايةِ حَربٍ.
وإنْ دفَع غَزلًا إلى رَجلٍ يَنسِجُه ثَوبًا بثُلثِ ثَمنِه أو رُبعِه جازَ، نَصَّ عليه ولَم يُجِزْ مالِكٌ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ شيئًا مِنْ ذلك؛ لأنَّه عِوَضٌ مَحمولٌ مَجهولٌ وعَملٌ مَجهولٌ، وقد ذكَرنا وَجهَ جَوازِه، وإنْ جعَل له مع ذلك
(١) «المغني» (٥/ ٣٢، ٣٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٣).