للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممَّن حَفِظنا ذلك عنه مالِكٌ والأوزاعيُّ والشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وأصحابُ الرَّأيِ (١).

وكذلك الحالُ لو شُرِطَ لِلعاملِ نَصيبٌ جُزئيٌّ مِنَ الرِّبحِ ومِقدارٌ مُعيَّنٌ منه، كأنْ يُشرطَ له راتِبٌ شَهريٌّ قَدرُه ألْفٌ -مَثلًا- وخَمسةٌ في المِئةِ مِنَ الرِّبحِ، لِلمَعنى المَذكورِ قبلَه، وهناك احتِمالٌ ألَّا يَكونَ الرِّبحُ أكثَرَ مما عُيِّنَ له.

وعليه يَتبيَّنُ فسادُ كَثيرٍ مِنْ تَصرُّفاتِ الناسِ في هذا الزَّمنِ، حيث يَتعاقَدون مع مَنْ يَعملُ بأموالِهم، على أنْ يَتقاضى راتِبًا شَهريًّا مُعيَّنًا، ويَكونَ له نِسبةٌ مُعيَّنةٌ مِنَ الأرباحِ عندَ الجَردِ السَّنويِّ أو غَيرِه.

وإنَّما لَم يَصحَّ ذلك لِمَعنَيَيْن: أحَدُهما أنَّه إذا شُرِط دَراهمُ مَعلومةٌ احتَملَ ألَّا يَربحَ غَيرَها، فيَحصُلَ على جَميعِ الرِّبحِ، واحتَملَ ألَّا يَربَحها فيأخُذَ مِنْ رأسِ المالِ جُزءًا وقد يَربَحُ كَثيرًا فيَستضِرُّ مَنْ شُرِطت له الدَّراهمُ.

والثاني: أنَّ حِصَّةَ العامِلِ يَنبَغي أنْ تَكونَ مَعلومةً بالأجزاءِ لَمَّا تَعذَّر كَونُها مَعلومةً بالقَدْرِ؛ فإذا جُهلتِ الأجزاءُ فَسدتْ كما لو جُهِل القَدْرُ فيما يُشترطُ أنْ يَكونَ مَعلومًا به؛ لأنَّ العامِلَ متى شرَط لِنَفْسِه دَراهمَ ربَّما تَوانى في طلَبِ الرِّبحِ لِعَدمِ فائِدتِه فيه، وحُصولِ نَفعِه لِغَيرِه بخِلافِ ما إذا كان له جزءٌ مِنَ الرِّبحِ (٢).


(١) «الإجماع» (٥٢٩)، و «الإشراف» (٦/ ٢٠٩)، «المغني» (٥/ ٢٣).
(٢) «بدائع الصانع» (٦/ ٥٩، ٨٥)، و «الاختيار» (٣/ ٢٢)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٤٣)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٩)، و «اللباب» (١/ ٥٤١)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ٣٠٢)، «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٢٨٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٠٤)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٠٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٣٣٩)، و «الشرح الصغير» (٨/ ٣٨٤)، و «منح الجليل» (٥/ ٤٠٣)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٤٥، ٧٤٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٤٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٦٧، ٢٦٨)، و «الديباج» (٢/ ٤٣١)، و «المغني» (٥/ ٢٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٧٠)، و «منار السبيل» (٢/ ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>