قال المالِكيَّةُ: ولا يَجوزُ أنْ يَكونَ مالُ القِراضِ دَينًا ولا رَهنًا ولا وَديعةً عندَ العامِلِ أو غَيرِه، كأمينٍ، فلا يَجوزُ أنْ يَكونَ واحِدٌ مِنْ هذه الثلاثةِ قِراضًا.
ولو وقَع القِراضُ بدَينٍ على العاملِ، بأنْ قالَ رَبُّه:«اجعَلْ ما عليك مِنَ الدَّينِ قِراضًا على أن الرِّبحَ بينَنا كذا»، استمَرَّ الدَّينُ دَينًا على العاملِ يَضمنُه لِرَّبِه ويَختَصُّ العامِلُ بالرِّبحِ، وعليه الخُسرانُ، ولا عِبرةَ بما وقَع منهما إلا أنْ يَقبِضَ الدَّينَ، بأنْ يَقبِضَه رَبُّه مِنَ المَدينِ، ثم يَرُدَّه على أنَّه قِراضٌ، ولو بالقُربِ، أو يَحضُرَ لِرَبِّه ويَشهدَ عليه بعَدلَيْن أو عَدلٍ وامرأتَيْن: على أنَّ هذا المالَ الذي أحضَر هو ما علَيَّ مِنْ دَينٍ لِفُلانٍ، ثم يَدفَعُه له رَبُّه قِراضًا؛ يَجوزُ.
وقال الشافِعيَّةُ: إذا تَصرَّف العامِلُ في هذه الحالةِ نُظِر: فإنِ اشتَرى بعَينِه لِلمُضارَبةِ فهو كالفُضوليِّ يَشتَري لِغَيرِه بعَينِ مالِه، وإنِ اشتَرى في الذِّمَّةِ فوَجهانِ: أصَحُّهما عندَ البَغويِّ: أنَّه لِلمالِكِ؛ لأنَّه اشتَرى له بإذنِه، وأصَحُّهما عندَ أبي حامِدٍ: لِلعاملِ؛ لأنَّ المالِكَ لَم يَملِكِ الثَّمنَ (١).
(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٨٣)، و «الاختيار» (٣/ ٢٢) و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٨١)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٠٥)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٠٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤١٠)، و «الشرح الصغير» (٨/ ٣٨٧)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٤٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٤٢)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٥٣)، و «المغني» (٥/ ٤٣)، و «الكافي» (٢/ ٢٦٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٤٧)، و «المبدع» (٥/ ٢٢)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٣١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٠٠).