للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُزابَنةِ، كمَن دفَع إلى رَجلٍ ثَوبًا لِيَبيعَه بعَشَرةِ دَنانيرَ على أنَّ عليه ما نقَص وله بعضَ ما زاد.

وإنْ كان رأسُ المالِ قيمتَها يَومَ التَّفاضُلِ فذلك أيضًا غَررٌ بَيِّنٌ؛ لأنَّ قيمَتَه يَومَ التَّفاضُلِ مَجهولةٌ، فيَكونُ العامِلُ يَعملُ على رأسِ مالٍ مَجهولٍ، قد يَكثُرُ فيَغترِقُ رِبحَه أو يَقلُّ فيَذهَبُ ببَعضِ رأسِ مالِ رَبِّ المالِ، فصارت جَميعُ وُجوهِ هذه المَسألةِ إلى غَررٍ وفَسادٍ (١).

ولأنَّ مَوضوعَ القِراضِ أنْ يَنفرِدَ رَبُّ المالِ برأسِ مالِه، ويَكونَ حَقُّ العامِلِ في الرِّبحِ مُشترَكًا هو ورَبُّ المالِ فيه على شَرطِهما، وتَجويزُ القِراضِ بالعُروضِ يُؤدِّي إلى مُشاركةِ العامِلِ لِرَبِّ المالِ في رأسِ مالِه، وأنْ يَنفردَ المالِكُ بالرِّبحِ ويَذهبَ عَملُ العامِلِ باطِلًا؛ لأنَّ رأسَ المالِ إذا كان عَرضًا لَم يَخلُ أنْ يَكونَ مما له مِثلٌ، أو لا مِثلَ له؛ فإنْ كان مما له مِثلٌ، كالطَّعامِ وغَيرِه، فإنَّ العامِلَ يَحتاجُ عندَ المُفاضلةِ إلى رَدِّ مِثلِه، وقد يَعقِدانِ القِراضَ على كُرِّ حِنطةٍ يُساوي وَقتَ العَقدِ عَشرةَ دَنانيرَ، فيَعملُ العامِلُ ويَربحُ عَشَرةً أُخرى، فإذا أرادَ المُفاضَلةَ جازَ أنْ يَغلوَ ثَمنُه، فيُساويَ الآنَ عِشرينَ، فيَنفردَ رَبُّ المالِ برأسِ المالِ وبالرِّبحِ، وجازَ أنْ يَرخُصَ فيُساويَ خَمسةَ دَنانيرَ، فيُشاركَ العامِلُ رَبَّ المالِ في قَطعِه مِنْ رأسِ مالِه، وإنْ كان مما لا مِثلَ له فالاعتِبارُ بقيمَتِه، فلا يَخلو أنْ تَكونَ مُعتبرةً وَقتَ العَقدِ أو وَقتَ المُفاضَلةِ، ولا يَجوزُ اعتبارُها وَقتَ العَقدِ؛


(١) «المقدمات الممهدات» (٣/ ١٦، ١٧)، و «المعونة» (٢/ ١٢٣، ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>