للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما اشتَرط، ويَستوفي المُضارِبُ مِئةَ دِرهمٍ، والبَقيَّةُ لِرَبِّ المالِ، وإنْ لَم يَكُنْ في المالِ رِبحٌ إلا مِئةً، فهي كلُّها لِلمُضارِبِ، وإنْ كان أقَلَّ مِنْ مِئةٍ، فذلك لِلمُضارِبِ أيضًا، ولا شَيءَ لِلمُضارِبِ على رَبِّ المالِ؛ لأنَّ رَبَّ المالِ لَم يَشترطِ المِئةَ إلا مِنَ الرِّبحِ.

فأمَّا على قَولِ أبي يُوسُفَ فالمُضارَبةُ فاسِدةٌ، ولِلمُضارِبِ أجْرُ مِثلِه، وهذا فَرعُ اختِلافِهم في جَوازِ الرِّبا في دارِ الحَربِ لِما عُلِم (١).

وقال المالِكيَّةُ في المَشهورِ والحَنابِلةُ: تُكرهُ شَركةُ كِتابِيٍّ ولو غَيرَ ذِمِّيٍّ، وكذا المَجوسيُّ، قال الحَنابِلةُ: لأنَّه لا يُؤمَنُ مُعامَلتُهم بالرِّبا، والعُقودِ الفاسِدةِ، إلا أنْ يَليَ المُسلِمُ التَّصرُّفَ، أو يَتصرَّفَ الذِّمِّيُّ بحَضرَتِه، ولا يَغيبُ عنه في شِراءٍ ولا بَيعٍ ولا تَقاضٍ، فلا تُكرهُ لِلأمنِ مِنَ الرِّبا؛ لأنَّ الذِّمِّيَّ إذا تَولَّى الشِّراءَ باعَ بحُكمِ دِينِه، وأدخَلَ في مالِ المُسلِمِ ما لا يَحِلُّ له، والمُسلِمُ مَمنوعٌ مِنْ أنْ يَجعلَ مالَه مُتَّجرًا في الرِّبا والخَمرِ والخِنزيرِ (٢).

وجاءَ في «المُدوَّنةِ» في مُقارضةِ مَنْ لا يَعرِفُ الحَلالَ والحَرامَ:

قال: وقال مالِكٌ: لا أُحِبُّ لِلرَّجلِ أنْ يُقارِضَ رَجلًا إلا رَجلًا يَعرِفُ الحَلالَ والحَرامَ، وإنْ كان رَجلًا مُسلِمًا، فلا أُحِبُّ له أنْ يُقارضَ مَنْ يَستحِلُّ شَيئًا مِنَ الحَرامِ في البَيعِ والشِّراءِ، رُويَ أنَّ سَعيدَ بنَ المُسيِّبِ قال:


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٨١، ٨٢).
(٢) «شرح ابن بطال» (٧/ ١٨، ١٩)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٥٢، ٥٤)، و «منح الجليل» (٦/ ٢٥٠)، و «المغني» (٥/ ٣)، و «الكافي» (٢/ ٢٥٧)، و «المبدع» (٥/ ٤)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨١)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>