للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصفانِ، وإنْ أجَّر نَفْسَه لِلخِدمةِ فالأجرُ له خاصَّةً؛ لأنَّ في الفَصلِ الأولِ آجَرَ نَفْسَه في عَملٍ يَملِكُ أنْ يَتقبَّلَ على نَفْسِه وعلى صاحبِه؛ فإذا عَمِل فقد أوفى ما عليهما، فكانت الأُجرةُ بينَهما، وفي الثاني لا يَملِكُ التَّقبُّلَ على صاحبِه، بل على نَفْسِه خاصَّةً، فكانت الأُجرةُ له خاصَّةً.

قال الحَسَنُ بنُ زيادٍ: قال أبو حَنيفةَ : لو أقرَض أحَدُ المُتفاوِضَيْن مالًا فأعطاه رَجلًا ثم أخذ به سَفتجةً كان ذلك جائِزًا عليهما، ولا يَضمنُ هَلَك المالُ أو لَم يَهلِكْ.

وفي قياسِ قَولِ أبي يُوسُفَ أنَّ الذي أقرَضَ وأخَذ السَّفتجةَ يَضمنُ حصَّةَ شَريكِه مِنْ ذلك، وهذا فَرعُ اختِلافِهم في الكَفالةِ أنَّ الكَفيلَ في حُكمِ المُقرِضِ؛ فإذا جازَتِ الكَفالةُ عندَ أبي حَنيفةَ جازَ القَرضُ، وعندَ أبي يُوسُفَ، لا تَجوزُ الكَفالةُ؛ لِما فيها مِنْ مَعنى التَّبرُّعِ، فكذلك القَرضُ (١).

وقال المالِكيَّةُ: شَركةُ العِنانِ جائِزةٌ لَازمةٌ، مَأخوذةٌ مِنْ عِنانِ الدَّابَّةِ، أي: كلُّ واحِدٍ مِنَ الشَّريكَيْن شَرَط على صاحبِه ألَّا يَستبدَّ بفِعلِ شَيءٍ في الشَّركةِ إلا بإذنِ شَريكِه ومَعرِفتِه، فكأنَّه أخذَ بعِنانِه، أي: بناصيَتِه، ألَّا يَفعلَ فِعلًا إِلَّا بإذنِه، فلو تَصرَّف واحِدٌ منهما بدونِ إذنِ الآخَرِ كان له رَدُّه (٢).

وقال الحَنابِلةُ: حُقوقُ العَقدِ لا تَختصُّ بالعاقِدِ مِنَ الشَّريكَيْن فله المُطالَبةُ بالأجرِ لهما، ودَفعُه عليهما.


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٧٣، ٦٧).
(٢) «الشرح الكبير» (٥/ ٢١)، و «شرح مختصصر خليل» (٦/ ٤٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>