للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ الإذنَ بالبَيعِ بمُقتَضى الشَّركةِ وُجِد مُطلَقًا، ولأنَّ الشَّركةَ تَنعقِدُ على عادةِ التُّجارِ، ومِن عادَتِهم هذا، إلا بما لا يَتغابَنُ الناسُ في مِثلِه؛ لأنَّ المَقصودَ مِنَ العَقدِ -وهو الاستِرباحُ- لا يَحصُلُ به، فكان مُستَثنًى مِنَ العَقدِ دِلالةً.

وقيلَ: إنَّه مَبنيُّ على الخِلافِ في الوَكالةِ بالبَيعِ مُطلَقًا؛ فيَجوزُ لِكلِّ واحِدٍ مِنَ الشَّريكَيْن أنْ يَبيعَ بما عَزَّ وهانَ عندَ أبي حَنيفةَ؛ وعندَهما لا يَجوزُ إلا بمِثلِ قيمَتِه، أو بنُقصانٍ لا يُتغابَنُ فيه (١).

وقال الشافِعيَّةُ: وتَصرُّفُ الشَّريكِ؛ كتَصرُّفِ الوَكيلِ، فلا يَبيعُ ولا يَشتَري بغَبنٍ فاحِشٍ إلا بإذنِ الشَّريكِ.

فإنْ باع بالغَبنِ الفاحِشِ لَم يَصحَّ في نَصيبِ شَريكِه ويَصحُّ في نَفْسِه على الصَّحيحِ في المَذهبِ، وتَنفسِخُ الشَّركةُ في المُشتَرى أو المَبيعِ ويَصيرُ مُشترَكًا بينَ البائعِ أو المُشتَري، والشَّريكِ إنِ اشتَراه بعَينِ مالِ الشَّركةِ.

وإنِ اشتَرى في الذِّمَّةِ لَم يَقعْ لِلشَّريكِ، وعليه وَزنُ الثَّمنِ مِنْ خالِصِ مالِه.

وإنْ باع أحَدُ الشَّريكَيْن شَيئًا مِنْ مالِ الشَّركةِ بأقَلَّ مِنْ ثَمنِ المِثلِ بما لا يَتغابَنُ الناسُ بمِثلِه بطَل البَيعُ في نَصيبِ شَريكِه؛ لأنَّ مُطلَقَ الإذنِ يَقتَضي البَيعَ بثَمنِ المِثلِ، وهل يَبطُلُ البَيعُ في نَصيبِ البائعِ؟ فيه قَولانِ، بِناءً على القَولَيْن في تَفريقِ الصَّفقةِ.


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٦٨)، «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>