لكنَّهم اختَلفوا هل يَرجِعُ أحَدُهما على الآخَرِ بأُجرةِ عَملِه في مالِه أو لا؟
فقال الجُمهورُ، المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ -خِلافًا لِلقَفَّالِ- والحَنابِلةُ: يَرجعُ أحَدُهما على الآخَرِ بأُجرةِ عَملِه في مالِه؛ لأنَّه عَقدٌ يُبتَغى به الرِّبحُ في الحالةِ الأُخرى، فإذا كان فاسِدًا استحَقَّ أُجرةَ عَملِه فيه، كالقِراضِ.
وقال الحَنفيَّةُ والقَفَّالُ مِنَ الشافِعيَّةِ: لا يَرجعُ أحَدُهما على الآخَرِ إذا فَسدَت الشَّركةُ؛ لأنَّ الفاسِدَ كالصَّحيحِ في وُجوبِ الضَّمانِ وعَدَمِه، والشَّركةُ الصَّحيحةُ لا يَرجعُ فيها بأُجرةِ العَملِ، فكذا إنْ كانتْ فاسِدةً.
وهذه نُصوصُ كلِّ مَذهبٍ.
قال الحَنفيَّةُ: وكلُّ شَركةٍ فاسِدةٍ فالرِّبحُ فيها على قَدْرِ رأسِ المالِ، كألْفٍ لِأحَدِهما مع ألفَيْن فالرِّبحُ بينَهما أثلاثًا، وإنْ كانا شرَطا الرِّبحَ بينَهما نِصفَيْن بطَل ذلك الشَّرطُ، ولو كان لكُلٍّ مِثلُ ما لِلآخَرِ وشرَطا الرِّبحَ أثلاثًا بطَل شَرطُ التَّفاضُلِ، وانقَسَم نِصفَيْن بينَهما؛ لأنَّ الرِّبحَ في وُجودِه تابِعٌ لِلمالِ، كما أنَّ الرِّيعَ تابِعٌ لِلبَذْرِ في الزِّراعةِ، والزِّيادةُ إنَّما تُستحَقُّ بالتَّسميةِ، وقد فَسدَت، فبَقيَ الاستِحقاقُ على قَدْرِ رأسِ المالِ.
والرِّيعُ عبارةٌ عن الزِّيادةِ، يُقالُ: أخرَجتِ الأرضُ رِيعًا: أي غَلَّةً؛ لأنَّها زيادةٌ (١).
(١) «العناية شرح الهداية» (٨/ ٣٠٩)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ١٩٤)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٣٨)، و «الهندية» (٢/ ٣٣٥).