وَجهُ قَولِه: أنَّ جَهالةَ قَدْرِ رأسِ المالِ تُؤدِّي إلى جَهالةِ الرِّبحِ، والعِلمُ بمِقدارِ الرِّبحِ شَرطُ جَوازِ هذا العَقدِ، فكان العِلمُ بمِقدارِ رأسِ المالِ شَرطًا.
ولنا: أنَّ الجَهالةَ لا تَمنعُ جَوازَ العَقدِ لِعَينِها، بل لِإفضائِها إلى المُنازعةِ، وجَهالةُ رأسِ المالِ وَقتَ العَقدِ لا تُفضي إلى المُنازَعةِ؛ لأنَّه يُعلَمُ مِقدارُه ظاهِرًا وغالِبًا؛ لأنَّ الدَّراهمَ والدَّنانيرَ تُوزَنانِ وَقتَ الشِّراءِ فيُعلَمُ مِقدارُها، فلا يُؤدِّي إلى جَهالةِ مِقدارِ الرِّبحِ وَقتَ القِسمةِ (١).
وقال الشافِعيَّةُ في الأصَحِّ: لا يُشترطُ العِلمُ بقَدْرِ كلٍّ مِنَ المالَيْن، أهو النِّصفُ أم غَيرُه عندَ العَقدِ إذا أمكَن مَعرِفتُه مِنْ بَعدُ بمُراجَعةِ حِسابٍ أو وَكيلٍ؛ لأنَّ الحَقَّ لا يَعدوهما، وقد تَراضَيا بخِلافِ ما لا يُمكِنُ مَعرِفتُه.
والوَجهُ الثاني: أنَّ ذلك يُشترطُ، وإلا أدَّى إلى جَهلِ كلٍّ منهما بما أذِنَ فيه، وبما أذِن له فيه.
ومأخَذُ الخِلافِ: أنَّه إذا كان بينَ اثنَيْن مالٌ مُشتَركٌ كلٌّ منهما جاهِلٌ بقَدْرِ حِصَّتِه فأذِن كلٌّ منهما لِلآخَرِ في التَّصرُّفِ في نَصيبِه منه يَصحُّ الإذنُ في الأصَحِّ، ويَكونُ الثَّمنُ بينَهما كالمُثمَّنِ، ولو جَهِلَا القَدْرَ وعَلِما النِّسبةَ، بأنْ وضَع أحَدُهما الدَّراهمَ في كِفَّةِ المِيزانِ ووضَع الآخَرُ بإزائِها مِثلَها صَحَّ جَزمًا؛ لأنَّه لا مَحذورَ فيه؛ لِتَراضيهما بذلك.