للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كَثيرٍ مِنَ الأحكامِ، بدَليلِ أنَّه يُضمُّ بَعضُها إلى بَعضٍ في الزَّكاةِ، فصارَ العَقدُ عليهما كالعَقدِ على الجِنسِ الواحِدِ.

وذهَب الشافِعيَّةُ وزُفَرُ مِنَ الحَنفيَّةِ إلى أنَّه يُشترطُ في المالَيْن أنْ يَكونا مِنْ جِنسٍ واحِدٍ، فلا يَصحُّ مِنْ أحَدِهما دَراهِمُ ومِنَ الآخَرِ دَنانيرُ؛ لأنَّ هذا يَتميَّزُ بعدَ خَلطِه، وما يَتميَّزُ بعدَ خَلطِه لا تَصحُّ الشَّركةُ به كالعُروضِ (١).

وقال المالِكيَّةُ: إنَّما تَصحُّ الشَّركةُ بذهبَيْن: بأنْ أخرَج هذا ذَهبًا، والآخَرُ ذَهبًا، ولو اختلَفت السَّكَّةُ، أو بوَرِقَيْن -فِضَّةٍ- بأنْ أخرَج هذا وَرِقًا والآخَرُ وَرِقًا مِثلَه إنِ اتَّفقَ الذَّهبانِ أو الوَرِقانِ صَرفًا وَقتَ العَقدِ، ووَزنًا وجَودةً أو رَداءةً.

فإنْ كان المالُ مِنْ أحَدِهما ذَهبًا ومِنَ الآخَرِ فِضَّةً لَم تَصحَّ على المَشهورِ؛ لأنَّه صَرفٌ وشَركةٌ؛ فالشَّركةُ -مِنْ جِهةِ- بَيعِ كلٍّ منهما بَعضُ مالِ الآخَرِ بقَطعِ النَّظرِ عن كَونِ أحَدِ المالَيْن ذَهبًا والآخَرِ فِضَّةً، والصَّرفُ -مِنْ جِهةٍ بَيعِ أحَدِهما بمالِ الآخَرِ- مَنظورٌ فيه؛ لِخُصوصِ كَونِ أحَدِ المالَيْن ذَهبًا والآخَرِ فِضَّةً؛ فآلَ الأمرُ إلى أنَّ بَيعَ الذَّهبِ بالفِضَّةِ هو الشَّركةُ والصَّرفُ، لكنَّهما مُختلِفان بالاعتِبارِ، كما عَلِمتَ.


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٦٠)، و «الهداية» (٣/ ٨)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٣٠)، و «اللباب» (١/ ٥٣٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨١)، و «الكافي» (١/ ٣٩٠)، و «الحاوي الكبير» (٦/ ٤٨١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٨٦)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٢)، و «الديباج» (٢/ ٢٩٨)، و «المغني» (٥/ ١٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٤٧)، و «الإفصاح» (١/ ٤٤٤)، و «منار السبيل» (٢/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>