للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُفاوضةِ فيُشترطُ في المُتعاقِدَيْن الحُريَّةُ والإسلامُ والبُلوغُ؛ لأنَّ الحُرَّ البالِغَ يَملِكُ التَّصرُّفَ والكَفالةَ، والمَملوكَ لا يَملِكُ واحِدًا منهما إلا بإذنِ المَولى، والصَّبيَّ لا يَملِكُ الكَفالةَ مُطلَقًا، ولا التَّصرُّفَ إلا بإذنِ الوَليِّ (١).

وقال المالِكيَّةُ: إنَّ الشَّركةَ إنَّما تَصحُّ مِنْ أهلِ التَّوكيلِ والتَّوكُّلِ، وهو مَنْ لا حَجْرَ عليه، وهو الحُرُّ البالِغُ الرَّشيدُ؛ لأنَّ العاقِدَيْن لِلشَّركةِ كلُّ واحِدٍ منهما وَكيلٌ عن صاحبِه، ويُوكِّلُ صاحبَه، فمَن جازَ له أنْ يُوكِّلَ ويَتوكَّلَ جازَ له أنْ يُشارِكَ، وما لا فلا، فمَن جاز له أنْ يَتصرَّفَ لِنَفْسِه جازَ له أنْ يُوكِّلَ ويُشارِكَ، فلا يُشاركُ العَبدُ إلا بإذنِ سَيِّدِه، أو كان مأذونًا مِنْ قَبلُ في التِّجارةِ، وكذلك غَيرُه مِنَ المَحجورِ عليهم، كالصَّغيرِ والمَجنونِ والسَّفيهِ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ وَكيلٌ عن صاحبِه مُوكِّلٌ له (٢).

وقال الشافِعيَّةُ: يُشترطُ في العاقِدَيْن أهليَّةُ التَّوكيلِ والتَّوكُّلِ في المالِ، لأنَّ كلًّا منهما يَتصرَّفُ في مالِه بالمِلكِ، وفي مالِ الآخَرِ بالإذنِ، فكلٌّ منهما مُوكِّلٌ ووَكيلٌ.

ومَحلُّه إذا أذِن كلٌّ منهما لِلآخَرِ في التَّصرُّفِ؛ وإلا يُشترطْ في الآذنِ أهليَّةُ التَّوكيلِ، وفي المأذونِ له أهليَّةُ التَّوكُّلِ حتى يَصحَّ أنْ يَكونَ الأولُ أعمى دونَ الثاني.


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٥٩)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٢١)، و «اللباب» (١/ ٥٢٥).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٥٢، ٥٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٤٠)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٣٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٣٨)، و «الشرح الصغير» مع «حاشية الصاوي» (٧/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>