للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ قُدامةَ : إذا مات المَكفولُ به سقَطت الكَفالةُ، ولَم يَلزمِ الكَفيلَ شَيءٌ، وبهذا قال شُريحٌ، والشَّعبيُّ، وحَمَّادُ بنُ أبي سُليمانَ، وأبو حَنيفةَ، والشافِعيُّ.

وقال الحَكمُ ومالِكٌ واللَّيثُ: يَجبُ على الكَفيلِ غُرمُ ما عليه، وحُكيَ ذلك عن ابنِ شُرَيحٍ؛ لأنَّ الكَفيلَ وَثيقةٌ بحَقٍّ؛ فإذا تَعذَّرت مِنْ جِهةِ ما عليه الدَّينُ استَوفَى مِنَ الوَثيقةِ كالرَّهنِ، ولأنَّه تَعذَّر إحضارُه فلَزِم كَفيلَه ما عليه، كما لو غاب.

ثم قال ابنُ قُدامةَ :

ولنا: أنَّ الحُضورَ سقَط عن المَكفولِ به فبَرئَ الكَفيلُ، كما لو بَرئَ مِنَ الدَّينِ، ولأنَّ ما التَزمَه مِنْ أجَلِه سقَط عن الأصلِ، فبَرئَ الفَرعُ، كالضامِنِ إذا قَضى المَضمونُ عنه الدَّينَ، أو أُبرئَ منه، وفارَق ما إذا غاب؛ فإنَّ الحُضورَ لَم يُسقِطْ عنه، ويُفارِقُ الرَّهنَ فإنَّه عُلِّق به المالُ فاستُوفِيَ منه (١).

وقال صاحِبُ «الهِدايةِ» : وإذا مات المَكفولُ به بَرئَ الكَفيلُ مِنَ الكَفالةِ بالنَّفْسِ.

وشرَح هذا التَّعريفَ صاحِبُ العِنايةِ بقَولِه: بَقاءُ الكَفالةِ بالنَّفْسِ ببَقاءِ الكَفيلِ والمَكفولِ به، ومَوتِهما أو مَوتِ أحَدِهما مُسقِطٌ لها.

أمَّا إذا مات المَكفولُ به؛ فلأنَّ الكَفيلَ عجَز عن إحضارِه، ولأنَّه سقَط الحُضورُ عن الأصيلِ، فيَسقطُ الإحضارُ عن الكَفيلِ.


(١) «المغني» (٦/ ٣٥١)، ويُنظر: «روضة الطالبين» (٤/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>