للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدَ هذا الكَلامِ يَتبيَّنُ لنا أنَّه لا يَجوزُ لِصاحِبِ الدَّينِ أنْ يُطالِبَ الضامِنَ إلا في أربَعةِ أحوالٍ عندَ المالِكيَّةِ:

الحالةُ الأُولى: أنْ يَكونَ المَضمونُ الأصليُّ مُفلِسًا.

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يَكونَ المَضمونُ الأصليُّ مُوسِرًا، ولكنَّه مُماطِلٌ مَعروفٌ باللَّدَدِ في الخُصومةِ والشِّدَّةِ فيها.

الحالةُ الثالِثةُ: أنْ يَكونَ المَدينُ الأصليُّ غائِبًا، وليس له مالٌ يُمكِنُ سَدادُ الدَّينِ منه، أمَّا إذا كان له مالٌ يَستطيعُ صاحِبُ الدَّينِ أنْ يأخُذَ منه بدونِ صُعوبةٍ ولا مَشقَّةٍ، فليس له في هذه الحالةِ مُطالَبةُ الضامِنِ.

الحالةُ الرابِعةُ: أنْ يَشترِطَ صاحِبُ الدَّينِ أنْ يأخُذَ دَينَه مِنْ أيِّهما شاءَ؛ فإنَّ له في هذه الحالةِ أنْ يُطالِبَ، ومِثلُ ذلك أنْ يَشترِطَ مُطالَبةَ الضامِنِ في حالةٍ مُعيَّنةٍ، كعُسرِ المَضمونِ، أو مَوتِه، أو نَحوِ ذلك (١).

قالوا: إنَّها وَثيقةٌ، فلا يُستَوفى الحَقُّ منها إلا عندَ تَعذُّرِ استيفائِه مِنَ الأصلِ كالرَّهنِ.

وناقَش ابنُ قُدامةَ هذا القَولَ فقال: إنَّه لا يُشبِهُ الرَّهنَ؛ لأنَّه مالُ مَنْ عليه الحَقُّ، وليس بذي ذِمَّةٍ يُطالَبُ، وإنَّما يُطالَبُ مَنْ عليه الدَّينُ، لِيَقضيَ منه أو مِنْ غَيرِه (٢).


(١) يُنظر: «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٣/ ٣٣٧)، و «تكملة المجموع» (١٣/ ٢٤٦، ٢٤٧).
(٢) «المغني» (٦/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>