للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان كَفيلًا به (١).

لكنْ هل تَصحُّ الكَفالةُ بعُضوٍ مِنْ أعضاءِ البَدنِ، مِثلَ أنْ يَقولَ: أنا كَفيلٌ بيَدِه أو برِجْلِه أو بثُلثِه أو بنِصفِه … إلخ أو لا؟

اختلَف العُلماءُ في ذلك على أقوالٍ:

القَولُ الأولُ: يَصحُّ، وهو قَولٌ لكُلٍّ مِنَ الشافِعيَّةِ (٢) والحَنابِلةِ (٣)، قالوا: لأنَّ تَسليمَه تَسليمُ جَميعِه، ولأنَّه لا يُمكِنُ تَسليمُ نِصفِه أو ثُلثِه إلا بتَسليمِ جَميعِ البَدنِ، ولا يُسلِّمُ اليَدَ والرِّجْلَ على هَيئَتِها عندَ الكَفالةِ؛ وذلك لا يُمكِنُ إلا بتَسليمِ جَميعِه.

وقالوا: إنَّه لا يُمكِنُ إحضارُ هذه الأعضاءِ على صِفتِها إلا بإحضارِ البَدنِ كلِّه، فأشبَهَ الكَفالةَ بوَجهِه ورأسِه؛ ولأنَّه حُكمٌ يَتعلَّقُ بالجُملةِ فيَثبُتُ حُكمُه إذا أُضيفَ إلى بَعضٍ، كالطَّلاقِ والعِتاقِ.

وعندَ الحَنفيَّةِ لو قال: «كَفلتُ بنَفْسِ فُلانٍ»، أو بما يُعبِّرُ به مِنْ أعضائِه عن جَميعِ البَدنِ، كرأسِه ووَجهِه ورَقبَتِه وعُنُقِه وجَسدِه وبَدَنِه، بأنْ قال: «تَكفَّلتُ برَأسِه أو بوَجهِه»، إلى آخِرِه، أو تكفَّل بجُزءٍ شائِعٍ منه، بأنْ قال: تَكفَّلتُ بثُلثِه أو برُبعِه، كلُّ ذلك جائِزٌ؛ لأنَّ هذه الأشياءَ يُعبَّرُ بها عن جَميعِ البَدنِ عُرفًا، ولأنَّ النَّفْسَ الواحِدةَ في حَقِّ الكَفالةِ لا تَتجزَّأُ، فذِكرُ بَعضِها


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٦٢)، و «المغني» (٦/ ٣٤٣)، و «البحر الرائق» (٦/ ٢٢٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٢٨٦).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٦٢)، و «تكملة المجموع» (١٣/ ٢٢٥).
(٣) «المغني» (٦/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>