للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه عَقدٌ لا يَفتقِرُ إلى القَبولِ لَم يَدخُلْه خيارٌ كالنَّذرِ، وبهذا قال أبو حَنيفةَ والشافِعيُّ، ولا نَعلَمُ عن أحدٍ خِلافَهم؛ فإنْ شُرِط الخيارُ فيهما: قال القاضي: عِندي أنَّ الكَفالةَ تَبطُلُ، وهو مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنَّه شَرطٌ على ما يُنافي مُقتَضاها، ففَسدَت، كما لو شرَط ألَّا يُؤدِّيَ ما على المَكفولِ به؛ وذلك لأنَّ مُقتَضى الضَّمانِ والكَفالةِ لُزومُ ما ضمِنه أو كفَل به، والخيارُ يُنافي ذلك، ويُحتمَلُ أنْ يَبطُلَ الشَّرطُ وتَصحَّ الكَفالةُ، كما قُلنا في الشُّروطِ الفاسِدةِ في البَيعِ، ولو أقَرَّ بأنَّه كفَل بشَرطِ الخيارِ لَزمتْه الكَفالةُ وبطَل الشَّرطُ؛ لأنَّه وَصَلَ بإقرارِه ما يُبطِلُه، فأشبَهَ استِثناءَ الكُلِّ (١).

وقال الإمامُ الشِّيرازيُّ : ولا يَثبُتُ في الضَّمانِ خيارٌ؛ لأنَّ الخيارَ لِدَفعِ الغَبنِ وطَلبِ الحَظِّ، والضامِنَ يَدخُلُ في العَقدِ على بَصيرةٍ أنَّه مَغبونٌ، ولأنَّه لا حَظَّ له في العَقدِ (٢).

هذا بالنِّسبةِ لِلكَفيلِ، أمَّا المَضمونُ له:

فقال الإمامُ النَّوَويُّ : لو شَرطَ الضامِنُ أو الكَفيلُ الخيارَ لِنَفْسِه لَم يَصحَّ الضَّمانُ، فلو شرَط لِلمَضمونِ له لَم يَضُرَّ؛ لأنَّ الخيارَ في المُطالَبةِ والإبراءِ له أبَدًا (٣).


(١) «المغني» (٦/ ٣٤١)، و «المجموع» (١٣/ ١٨٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٧٥).
(٢) «المهذب» (١/ ٣٤١)، و «تكملة المجموع» (١٣/ ١٨٨).
(٣) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٦٤)، ويُنظر: «تكملة المجموع» (١٣/ ١٨٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>