للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك كَلِماتٌ اختُلِف حَولَ دِلالتِها، مِثلَ: «لكَ علَيَّ»، أو «لكَ إلَيَّ»، أو «لكَ قِبَلي»، أو «لكَ عِندي».

فالذين قالوا بأنَّها كِنايةٌ، قالوا: يُشترَطُ فيها وُجودُ نيَّةٍ أو قَرينةٍ تَدلُّ على الالتِزامِ (١)، وذهَب آخَرونَ إلى أنَّها صَريحةٌ.

قال الإمامُ الكاسانيُّ : قَولُه: «علَيَّ» كَلمةُ إيجابٍ، وكذا قَولُه: «إلَيَّ»، قال رَسولُ اللهِ : «مَنْ ترَك مالًا فلِوَرَثتِه، ومَن ترَك دَينًا فإلَيَّ وعلَيَّ» (٢)، وقَولُه: «قِبَلِي»، يُنبئُ عن القُبالةِ، وهي الكَفالةُ، وقَولُه: «عِندي»، وإنْ كانت مُطلَقةً لِلوَديعةِ، لكنَّه بقَرينةِ الدَّينِ يَكونُ كَفالةً؛ لأنَّ قَولَه: «عِندي»، يَحتمِلُ اليَدَ، ويَحتمِلُ الذِّمَّةَ؛ لأنَّها كَلِمةُ قُربٍ وحَضرةٍ، وذلك يُوجَدُ فيها جَميعًا، فعندَ الإطلاقِ يُحمَلُ على اليَدِ؛ لأنَّه أدنى، وعندَ قَرينةِ الدَّينِ يُحمَلُ على الذِّمَّةِ، أي: «في ذِمَّتي»؛ لأنَّ الدَّينَ لا يَحتمِلُه إلا الذِّمَّةُ (٣).

وأمَّا أيُّ لَفظٍ آخَرَ لا يَدلُّ على الالتِزامِ حَقيقةً أو عُرفًا، فلا تَصِحُّ الكَفالةُ به، كأنْ يَقولَ: «أنا أُؤدِّي ما عليه»، أو أُحضِرُ الشَّخصَ»، وخَلا عن قَرينةٍ، فليس بضَمانٍ، وإنَّما هو مِنْ صِيَغِ الوَعدِ وألفاظِه، ولا تُعدُّ دالَّةً على الالتِزامِ عندَ الشافِعيَّةِ (٤) والحَنابِلةِ (٥).


(١) «حاشية الجمل» (٣/ ٣٨٦).
(٢) أخرجه مسلم (٢/ ٥٩١) حديث رقم (٨٦٧) في باب: تخفيف الصلاة والخطبة.
(٣) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٥٦).
(٤) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٦٠)، و «حاشية الجمل» (٣/ ٣٨٦).
(٥) «كشاف القناع» (٣/ ٣٦٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٢/ ٢٤٦)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>